للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأيت لبعض المُتَأَخِّرِينَ أن الأَمْرَ فيه إلى رَأْي الحاكم، وإن أقام شَاهِدَيْنِ، وطلب الكَفِيل إلى أن يعدلا طُولِبَ به؛ لأنه أَتَى بما عليه، والنظر في حَالِ الشُّهُودِ من وَظِيفَةِ القاضي، والظاهر العَدَالَةُ، فإن امْتَنَعَ من إِعْطَاءِ الكَفِيلِ، حُبِسَ لهذا الامتناع، لا لثبوت الحق والامْتِنَاعِ منه، هكذا أَطْلَقَ الإِمَامُ وصاحب الكتاب لكن يجيء فيه الخِلاَفُ من وجوه:

أحدها: أن في أَصْلِ كَفَالَةِ البَدَنِ قَوْلاً مذكوراً في باب الضَّمَانِ، أنها لا تَصِحُّ.

والثاني: أن في فَتَاوَى القَفَّالِ: أنَّه لا يَلْزَمُهُ أن يعطي كَفِيلاً؛ لأن الحَقَّ لم يَثْبُتْ بعد، لكن للحاكم أن يُطَالِبَهُ به، إذا أَدَّى اجْتِهَادُهُ إليه، وخاف منه الهرب.

والثالث: أنا ذكرنا في آخر الباب من الشهادات المُدَّعَى إذا كان عَيْناً فَيُنْزَعُ في هذه الحالة، وإن كان دَيْناً فَيحْبَسُ المدعى عليه على أحد الوجهين، وكل واحد من الانتزاع والحبس، فيجوز ألا يُجَابَ أيضاً لما المَكْفُولِ ببدنه من تحمل منه الكفيل، ولا يخفى أن المَسْأَلَةَ لا اخْتِصَاصَ لها بِرُكْنِ الجواب والله أعلم بالصواب.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الرُّكْنُ الثَّالِثُ فِي الحَلِفِ: وَالنَّظَرُ فِي الحَلِفِ وَالحَالِفِ وَالمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالحُكْمِ أَمَّا الحَلِفُ فَيَجْرِي فِيهِ التَّغْلِيظُ إِلاَّ فِيمَا هُوَ دُونَ نِصَابِ الزَّكَاةِ، وَلَوْ أَنْكَرَ السَّيِّد عِتْقَ عَبْدٍ خسيسٍ لَمْ تُغَلَّظ يَمِينُهُ، فَإِنْ نكَلَ غُلِّظَ عَلَى العَبْدِ لِأَنَّهُ مُدَّعِي العِتْقِ، وَكُلُّ مَا لاَ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيمِينٍ يَجْرِي في التَّغْلِيظِ، وَيَجْرِي أَيْضَاً في عُيُوبِ النِّسَاءِ، وَكَيفِيَّتُهُ وَكَوْنُهُ مُسْتَحَقاً أَوْ مُسْتَحَبَّاً ذَكَرْنَاهُ فِي اللِّعَانِ، وَيُغَلَّظُ عَلَى المُخَدَّرَةِ بِحُضُورِ الجَامِعِ، وَلاَ تَذَرُ بِالتَّخَدُّرِ، وَشَرْطُ اليَمِينِ أَنْ يُطَابِقَ الإِنْكَارَ وإنْ يَقَعَ بَعْدَ عَرْضِ القَاضِي، فَلوْ بَادَرَ قَبْلَ طَلَبِ القَاضِي لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: أَحَدُ الأَرْكَانِ التي تَدُورُ عليها الخُصُومَاتُ الشرعية، [اليمين] (١) على ما مَرَّ، وقد تَكَلَّمَ في هذا الرُّكْنِ في أربعة أَطْرَافٍ: نفس الحلف، وما يُحْلَف عليه، ومَنْ يحلف، وما يُحْلَف له. وهو فائدته، وحكمه.

فأما ما يحلف به؛ فَمَوْضِعُ بَيَانِهِ، كِتَابُ الأَيْمَانِ. وأما من يحلف له، فهو الخَصْمُ، وأمره ظاهر. أما الطرف الأول، فهو نَفْسُ الحلف فصيغ اليمين مُسْتَوْفَاةٌ في موضعها، والقصد (٢) الآن بَيَانُ قاعدتين:

إحداهما: للتغليظ (٣) مدخل في الأَيْمَانِ المَشْرُوعَةِ في الدَّعَاوَى، مبالغة للزجر، وتأكيد الأمر. وفيه مسائل:


(١) سقط في: أ.
(٢) في ز: والمقصد.
(٣) في أ: التغليظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>