منه، أو تنفيذ إن قلنا بالأول، فقد حكمنا للوارث بالملك قبل أن يُعطَى فيعتق عليه، وإن قلنا تنفيذ لم يُعتَق؛ لأنا على هذا القول لا نجعل الزائد على الثلث للوارث، بل نقفه على الرد والإجازة فإذا أجاز تبين أنه لم يملكه وأما قدر الثلث فإنه يعتق على الموصى له، ولا يقوم نصيب أحدهما على الآخر. وأما أنه لا يقوم على ابن السيد؛ فلأنه ملك بالإرث، وعتق الشقص المملوك بالإرث لا يقتضي السراية.
وأما أنه لا تقويم على ابنها الموصى له؛ فلأن نصيب شريكه عُتِق قبل عتق نصيبه، وإن قلنا: إنه يُملَك بالقبول، ومع عتق نصيبه إن قلنا: إنه يُملكَ بالموت، ولا تقويم على التقديرين.
الرابع: أوصى بعبد لشخصين؛ أحدهما قريبه الذي يعتق عليه، فإن قبلا الوصية معاً عُتِق جميعه على القريب، إن كان موسراً، النصف بالملك، والباقي بالسراية، ويُغرَمْ للأجنبي نصف قيمته.
وإن قبل القريب أولاً، فكذلك حكم العتق. ويكون غرم النصف للأجنبي، إن قبل الوصية بعد ذلك، والوارث الموصي إن لم يقبل، وإن قبل الأجنبي أولاً ملك نصيبه ونصيب القريب موقوف إلى أن يقبل أو يرد فإن أعتق الأجنبي نصيبه قبل قبول القريب، ثم قبل فإن قلنا: الملك في الوصية يحصل بالقبول، قوم نصيبه على الأجنبي، فكان كما لو أعتق الشريك نصيبه، وهو موسر، ثم أعتق الثاني نصيبه فإن قلنا: يحصل بالموت، أن عتق الأجنبي غير نافذ، وأنه عتق جميعه على الوارث، وعليه نصف القيمة للأجنبي والله أعْلمُ.
البَابُ الثَّانِي في أَحْكَامِ الوَصِيَّةِ الصَّحِيحَةِ
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إِذا استجمعتِ الوصيَّةُ مما يفتقر إلَيْه صحَّتها، صحَّت، ووقع النَّظَر بعد ذلك في أحكامها، والنَّظَر فيها تارةً يكون من جهةِ اللَّفْظ؛ كنظرنا في أن الشَّاة، والدَّابَّة، والفرس عَلاَمَ تَحْمُلُ الوصيَّة بها، وتارة من جهة المعنَى؛ كنظرنا في أحكام الوصية بالمنافع، بأيَة لفظة قُدِّرتِ الوصيةُ ثم كمية الموصَى به قد تُعْرَفُ من غير حساب، وقد يحتاج فيها إلى أعمالِ فِكْرٍ، وضَرْب حسابٍ جَلِيٍّ أو خَفِيٍّ، فلذلك جعل أحكامها ثلاثةَ أنْوَاعٍ لفظيَّة، ومعنويَّة، وحسابيَّة: