المسألة الثالثة: من منعناه من تولي الطرفين لو وكل في أحد الطرفين، أو وَكَّلَ شخصين بالطرفين فيه وجهان:
أَحَدُهِمَا: أنه يجوز؛ لأن المقصود رِعَايَةُ التعبد في صورة العقد، وقد حصل.
وَأَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ؛ لأن فعل الوكيل فعل الموكل، وليس ذلك كتزويج خليفة القاضي من القاضي والقاضي من الإِمام الأعظم، فإنهما يتصَرَّفَانِ بالْوِلاَيَةِ لا بالوكالة، ومنهم من جَوَّزَ للجَدِّ التَّوْكِيلَ، ولم يجوزه لابن الْعَمِّ وَمَنْ في مَعْنَاه؛ لأن الجَدَّ ولي تام الولاية من الطرفين، وابن العم وَليٌّ من طرف وخاطب من طرف.
ولو وكل الولي رجلاً ووكله الْخَاطِبُ أيضًا ليتولى التزويج، والتزوج فَفِيْهِ خِلاَفٌ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ في "باب الوكالة"، وكذا في "الْبَيْعِ" لَو وَكَّلَ البَائِعُ والمشتري رجلاً، فالأصَحُّ المنع، وبه أَجَابَ هنا، ويجري الْخِلاَفُ فيما لو وكل رجلًا بِأنَّ يزوج ابنته من نفسه.
واعلم قوله في الكتاب: "والأب يتولى طرفي البيع" بالحاء؛ لِمَا رُوِيَ عَن أبي حَنيْفَةَ أنَّ الْوَليَّ وَالْوَكِيلَ يتوليان طرفي النِّكَاحِ دون الْبَيْعِ.
وقوله: "لا يتولى الجَدُّ طرفي النِّكَاحِ" بالحاء والميم؛ لأَنَّ عندهما يجوز للجَدِّ تولي طرفي النِّكَاحِ.
وكذا قوله: "ليس لهم تولي طرفي النِّكَاحِ" بالواو أيضًا لما قَدَّمْنَاهُ.
وقوله: "ولا يكفيهم التَّوْكِيلُ"بالواو والألف؛ لأنَّ عند أَحْمَدَ يكفيهم التَّوْكِيلُ.
وقوله: "وَالْوَكِيلُ من الجانبين لا يتولى" بالواو.
وقوله: "والنِّكَاحُ" بالحاء.
فُرُوعٌ:
أحدها: هل للسَّيِّدِ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ مِنْ عَبِدِهِ الصَّغيرِ؟.
إِذا جَوَّزنَا له إجباره فيه وجهان، كتولي الجدَّ طرفي النكاح.
الثاني: ابنا عَمِّ أحدهما لأب، والآخر لأب وأم، وَأَرَادَ الأَوَّلُ نِكَاحَهَا يزوجها منه الثاني، وَإِنِ أَرَادَ الثَّانِي نِكَاحَهَا، فَإنْ قُلْنَا إنَّهُمَا يستويان يزوجها منه الأول، وإلاَّ فالقاضي.
الثالث: إِذَا قَالَتْ لابْنِ العَمَّ أو المعتق: زَوِّجْنِي أو زوجي مِمَّنْ شئت لم يكن للقاضي تزويجها منه بهذا الإِذن؛ لأنَّ الْمَفْهُومُ منه التزويج من الغير، فَإِنْ قَالَتْ: زَوَّجْنِي مِنْ نَفْسِكَ.
حَكى صَاحِبُ "التَّهْذِيبِ" عن بعض الأصحاب: أنه يجوز للقاضي تزويجها منه بذاك الإِذن.