للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَجَدَ دِينَاراً، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "هَذَا رِزْق والله، فاشْتِرِ بِهِ دَقِيقاً وَلَحْماً" فأكَلَ منه رسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَعَليٌّ وَفَاطِمَةُ -رَضِيَ اللهُ عنْهُمَا- ثم جَاءَ صَاحِبُ الدِّينَارِ يَنْشُدُ الدِّينارَ، فقال النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "يَا عَلِيُّ، أدِّ الدِّيْنَارَ" (١).

والرابعُ: أنَّ ما دُونَ الدِّرْهَمِ قليلٌ، والدِّرْهَمُ فما فوقَهُ كَثِيرٌ، لما رُوِيَ عن عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عنْها- أنَّهُ لاَ بَأْسَ بِمَا دُونَ الدِّرْهَم أن يُسْتَنْفَعَ بِهِ" (٢) وأعْلَم أنْ ما ذكرْنَاه منْ تَقْسِيم القَليلِ إلَى مُتَمَوَّل، وغَيْرِ مُتَمَوَّل قدَ حكاه الإمامُ وصَاحِبُ الكتاب، وفِي كلام الشَّيْخ أبي حَامِدٍ مَا يَدُلٌ عليه، والأكْثَرُونَ لم يتعرَّضوا له، ولكنْ قَسَّموا القَليلَ إلى ما لاَ يُطْلَبُ، ولا تتبعُهُ الهمةُ، وإلى ما يطلبُ، ويُشْبِهُ أن يكونَ الاختلافُ في مجرَّد العبارة واللهُ أعلَمْ. وقولُهُ في الكتاب: "وإنْ كانَ متموَّلاً عَرّفَ مَرّةً أو مرَّتَيْن" يجوز أن يُعْلَم [بالواو والحاء والميم؛ لما تقدَّم.

وقولُهُ: "إنَّهُ يتَقَدَّرُ بنصاب السَّرقة" من الألفاظِ الَّتِي أُخِذَتْ عن المُصَنِّف] (٣) وَقِيلَ: الصَّوَابُ أنْ يُقَالَ: بما دُونَ نِصَابِ السَّرِقَةِ؛ [لأنَّ نِصَابَ السَّرِقَة] من حَدّ الكثير، لكنْ يجوزُ أن يُقَالَ: إنَّهُ لم يفسر القَلِيل به، لكن قال: يتقدَّر به، أي: هو الحدُّ الفاصِلُ فما يقعُ دونَهُ، فهُوَ قليلٌ، والحَدُّ قد لاَ يدْخُلُ في المحدود.

[فرع]

عن "التتمة": يحلُّ التقاطُ السَّنَابِل وَقْتَ الحَصَاد، إنْ أَذِنَ فيه المالكُ، أو كانَ قَدْرَ ما لا يَشُقُّ علَيْه التقاطُهُ، وإنْ كانَ يُلْتَقط بنَفْسِه لَوِ اطَّلَعَ عَلَيْهِ، وإلاَّ، لم يَحِلَّ والله أعلم (٤).


(١) رواه أبو داود من حديث عبيد الله بن مقسم عن رجل عن أبي سعيد نحوه، ورواه الشَّافعي عن الدراوردي عن شريك بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عنه، وزاد: أنه أمره أن يعرفه فلم يعرف، ورواه عبد الرزاق من هذا الوجه، وزاد: فجعل أجل الدينار وشبهه ثلاثة أيام، وهذه الزيادة لا تصح، لأنها من طريق أبي بكر بن أبي سبرة وهو ضعيف جداً ورواه أبو داود أيضاً من طريق بلال بن يحيى العبسي عن علي بمعناه، وإسناده حسن، وقال المنذري: في سماعه من علي نظر، قلت: قد روي عن حذيفة ومات قبل علي، ورواه أبو داود أيضاً من حديث سهل بن سعد مطولاً، وفيه موسى بن يعقوب الزمعي مختلف فيه، وأعل البيهقي هذه الروايات لاضطرابها ولمعارضتها لأحاديث اشتراط السنة في التعريف؛ لأنها أصح، قال: ويحتمل أن يكون إنما أباح له الأكل قبل التعريف للاضطرار. قاله في التلخيص.
(٢) قال الحافظ في "التخليص" (٣/ ٧٧): لم أجده.
(٣) سقط في: ب.
(٤) ما أطلقه من حل الالتقاط مشكل وينبغي تخصيصه بالفقير وأهل الزكاة، وفي جوازه للأغنياء نظر، =

<<  <  ج: ص:  >  >>