الغير قال الإمام -رحمه الله-: وفيه نظر على بعد ملتقى عن استصحاب الوكالة. واعلم أن الخلاف في الوكالة، هل تقبل التعليق جار في أن العزل هل يقبله؟ ولكن بالترتيب، والعزل أولى بقبوله؛ لأنه لا يشترط فيه القبول، واشتراطه في الوكالة مختلف فيه، وتصحيح إرادة الوكالة والعزل جميعاً مبني على قبولهما التعليق، ثم قال الإمام -رحمه الله-: إذاً نفذنا الغزل، وقلنا: تعود الوكالة، فلا شك أن العزل ينفذ في وقت، وإن لطف تصرف الوكيل ذلك الوقت اللطيف، هل ينفذ؟ فيه وجهان للأصحاب، وإنما كان يصح هذا الفرض، والتصوير أن لو وقع بينهما ترتب زماني حتى يتصور وقوع التصرف بينهما، لكن الترتيب في مثل هذا لا يكون إلا عقليَّاً والله اعلم.
وقوله في الكتاب:"وفي تعليق الوكالة الإغرار" والإغرار ألاخطار، وإنما يقع هذا اللفظ بالاستحقاق على ما فيه خطر، كقدوم زيد، ومجيء المطر، إن لم يكن في الحكم فرق، فيمن بينه ما يوثق به، كمجيء الشهر.
وقوله:"ويلزمه الإمساك" أي: لا يجوز له التصرف في الشهر، لا أنه يجب عليه خارج الشهر، فإن الأمر إلى اختياره.
منها: صحة تصرف الوكيل إذا وافق إذن الموكل، والموافقة والمخالفة يعرفان بالنظر إلى اللفظ تارة، وبالقرائن التي تنضم إليه أخرى، فإن القرينة قد تقوى، فيكون لها إطلاق اللفظ، ألا ترى أنه إذا أمره في الصيف بشراء الجمد لا يشتريه في الشتاء؟
وقد يتعادل اللفظ والقرينة، وينشأ من تعادلهما خلاف في المسألة، وهذا القول الجملي يوضحه صور ترشد إلى أخواتها: منها: إذا وكله ببيع شيء، وأطلق لم يكن له أن يبيعه بغير نقد البلد من العروض، والنقود، وأن يبيعه بثمن مؤجل، بغبن فاحش (١)،
(١) وهو ما لا يحتمل غالباً؛ لأن العرف يدل عليه. لأن الإطلاق في البيع يقتضي الحلول وكونه من نقد البلد، فكذلك الإطلاق في التوكيل بالبيع، وخالف أبو حنيفة في الجميع. لنا القياس على ما سلمه وهو الوصي والوكيل بالشراء.