للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحداً، واعلم أنَّ هذا التَّفصيل إنما ينتظم على قول من يعدّ العُرْيَ من الأعذار النادرة، ليصير باعتيادهم ذلك عاماً، فأما من عَدَّهُ من الأعذار العامة على الإطلاق يتجه أن لا يفرق بينهم، وبين غيرهم، -والله أعلم- (١).

بَابُ المَسْحِ عَلَى الْخَفَّيْنِ

قال الغزالي: (وَالنَّظَرُ فِي شُرُوطِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ وَحُكْمِهِ)، وَلَهُ شَرْطَانِ: (الأَوَّلُ) أَنْ يَلْبَسَ الخُفَّ عَلَى طَهَارَةٍ مَائِيَّةٍ كَامِلَةٍ قَوِيَّةٍ، فَلَوْ غَسَلَ إِحْدَى رِجْلَيهِ وَأَدْخَلَهَا الْخُفَّ لَمْ يَصِحَّ لُبْسُهُ حَتَّى يَغْسِلَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ يَبْتَدِئَ اللُّبْسَ، وَكَذَا لَو صَبَّ المَاءَ فِي الخُفِّ (ح) بَعْدَ لُبْسِهِ عَلَى الحَدَثِ،


(١) قال النووي: ولو لم يجد المريض من يجوله للقبلة، لزمه الصلاة بحسب حاله، وتجب الإعادة على المذهب، قال الروياني: وقيل قولان وهو شاذ قال إمام الحرمين وغيره: ثم ما حكمنا من الأعذار: بأنه دائم، وأسقطنا به الفرض فزال بسرعة فهو كدائم، وما حكمنا بأنه لا يدوم فدام، فله حكم ما لم يدوم إلحاقاً لشاذ الجنس بالجنس، ثم كل صلاة أوجبناها في الوقت وأوجبنا إعادتها، فهل الفرض الأولى أم الثانية، أم كلاهما، أم إحداهما لا بعينها؟ فيه أربعة أقوال أظهرها: عند الجمهور: الثانية، وعند القفال والفوراني وابن الصباغ: كلاهما وهو أفقه، فإنه مكلف بهما -وهذه مسائل منثورة لا يستحب (فيها) تجديد التيمم على المذهب- وبه قطع الجمهور، وفي المستظهري وجهان، ويتصور في مريض وجريح ونحوهما ممن تيمم مع وجود الماء، إذا تيمم وصلى فرضأ ثم أراد نفلاً، ويتصور في متيمم لعدم الماء إذا صلى فرضاً ولم يفارق موضعه، ولم نوجب طلباً لتحققه لعدم أو لم نوجبه ثانياً، وحكم اليد المقطوعة كهو في الوضوء، حتى إذا لم يبق شيء من محل الفرض استحب مسح العضد، قال الدارمي: وإذا لم يكن مرفق استطهر حتى يعلم، ولو وجد المسافر على الطريق خابية ماء مسبلة تيمم، ولا يجوز الوضوء منها؛ لأنها إنما توضع للشرب، ذكره المتولي ونقله الروياني عن الأصحاب، ولو منع الوضوء إلا منكوساً فهل له الاقتصار على التيمم، أم عليه غسل الوجه لتمكنه منه؟ فيه القولان فيمن وجد بعض ما يكفيه، حكاه الروياني عن والده قال: ولا يلزمه قضاء الصلاة إذا امتثل المأمور على القولين، وفي القضاء نظر لندوره، لكن الراجح ما ذكره لأنه في معنى من غصب ماؤه ولا قضاء، قال: "صاحب الحاوي" و"البحر": لو مات رجل معه ماء لنفسه لا يكفيه لبدنه، فإن أوجبنا استعمال الناقص، لزم رفقته غسله به، وإلا يمموه، فإن غسلوه به، ضمنوا قيمته لوارثه، ولو تيمم لمرض فبرأ في أثناء الصلاة، فكرؤية الماء في صلاة المسافر، ولو تيمم عن جنابة أو حيض ثم أحدث، حرم ما يحرم على محدث، ولا يحرم قراءة القرآن واللبث في المسجد، ولو تيمم جنب فرأى ماء، حرمت القراءة، وكل ما كان حراماً حتى يغتسل، قال الجرجاني: ليس أحد يصح إحرامه بصلاة فرض دون نفل، إلا من عدم ماء وتراباً، أو ستره طاهرة، أو كان على بدنه نجاسة، عجز عن إزالتها -والله أعلم- انظر الروضة (١/ ٢٣٦ - ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>