للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يكن خوف أصلاً، إذ ليس فيه إلاَّ اقتداء مفترض يمتنفل في المرة الثَّانية، فإذًا المعنى في إقامة الصَّلاة هكذا، إنما يختار ويندب إليه عند اجتماع هذه الأمور.

وقوله: (فيصدع الإمام أصحابه صدعين) أي يفرقهم فرقتين، ويجوز فيصدع من الصدع وهو الشق.

وقوله: (ويصلي بأحدهما ركعتين) مفروض فيما إذا كانت الصلاة ركعتين مقصورة كانت أو غير مقصورة، فإن كانت أكثر من ذلك صلاها بتمامها مَرَّتين ولا فرق.

قال الغزالي: الثَّانِي أَنْ يَكُونَ العَدُوْ فِي وَجْهِ القِبْلَةِ فَيُرَتِّبَهُمُ الإِمَامُ صَفَّيْنِ فَإِذَا سَجَدَ فِي الأُولَى حَرَسَهُ الصَّفُّ الأَوَّلُ فَإِذَا قَامَ سَجَدُوا وَلَحِقُوا بِهِ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ الصَّفُّ الثَّانِي فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ هَكَذَا صَلَّى رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِعَسَفَانَ وَلَيْسَ فِيهِ إِلاَّ تَخَلُّفٌ عَنِ الإِمَامِ بِرُكْنَيْنِ وَذَلِكَ جَائِزٌ لِحَاجَةِ الخَوْفٍ، ثُمَّ لاَ بَأْسَ لَوِ اخْتُصَّ بِالحِرَاسَةِ فِرْقَتَانِ مِنْ أَحَدِ الصَّفَّيْنِ، وَلَو تَوَلَّى الحِرَاسَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ طَائِفَةٌ وَاحِدَةٌ لَمْ يَجُزْ عَلَى أَحَدِ القَوْلَيْنِ لِتَضَاعُفِ التَّخَلُّفِ فِي حَقِّهِمْ عَنِ الإمَامِ، وَالحِرَاسَةُ بالصَّفِّ الأَوَّلِ أَلْيَقُ فَلَوْ تَقَدَّمَ الصَّفُّ الثَّانِي فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ وَتَأَخَّر الصَّفُّ الأَوَّلُ وَلَمْ تَكْثُرْ أَفْعَالُهُمْ كَانَ ذَلِكَ حَسَناً.

قال الرافعي: النوع الثاني صلاة عسفان:

وهي: أن يرتب الإمام النَّاس صُفَّيْن، ويحرم بهم جميعاً فيصلون معاً إلى أن ينتهي إلى الاعتدال عن ركوع الركعة الأولى، فإذا سَجَدَ سجد معه الصَّفُّ الثاني، ولم يسجد الصف الأول بل حرسوهم قائمين، فإذا قام الإمام والساجدون سجد أهل الصف الأول، ولحقوه، وقرأ الكُلّ معه، وركعوا واعتدلوا، فإذا سجد سجد معه الحارسون في الركعة الأولى، وحرس الساجدون معه في الأولى، فإذا جلس للتشهد سجدوا ولحقوه، وتشهد الكُلُّ معه، وسلَّم بهم، هذه الكيفية ذكرها الشافعي -رضي الله عنه- في "المختصر" واختلف الأصحاب، فأخذ كثيرون بها منهم أصحاب القفال، وقالوا: إنها منقولة عن فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن معه بسعفان (١)، وعلى ذلك جرى حجة الإسلام -رضي الله عنه- في الكتاب.

وقال الشيخ [أبو حَامِد] (٢) ومن تابعه: ما ذكره الشافعي -رضي الله عنه- خلاف


(١) انظر صحيح مسلم (٣٠٧/ ٨٤٠) والنسائي (٣/ ١٧٥ - ١٧٦) وابن ماجة (١٢٦٠).
(٢) في ط (أبو محمد).

<<  <  ج: ص:  >  >>