والسراية شيئاً فشيئاً، فهذا قارن الإهدارُ بعْضَ أجزاء السَّبَب وأورث الشبهة، وليُحْمَلْ قوله:"فالصحيح السقوط" على الصحيح من الطريقَيْن على ما بيَّنّاه، ويقابله الطريق الطارد للقولَيْنِ في الحالَتَيْنِ.
فَرْعٌ: لو رمى إلى مسْلِم، فارتدَّ، وعاد إلى الإِسلام، ثم أصابه السهْم، فالمشهور أنه لا قِصَاص، وإنما يجبُ القصاص إذا وُجِدَ الإِسلامُ في طرفَي الرمي والإصابة، وفي المُدَّة المتوسِّطة بينهما، قال الإِمام: ويجيْء فيه قولٌ آخر؛ لأمرين:
أحدهما: أن الشيخ أبا عليٍّ حكى قولاً فيما إذا رمَى سهماً إلى صيْدٍ وارتدَّ، وعاد إلى الإِسلام، ثم أصاب السهْمُ إنساناً؛ بأن الدية تُضْرَب على عاقلة المسلمين، ويكتفي بإسلامه في الطرفَيْن، والحكْمُ يَتحمَّل العقْل والقصاصَ يجريان مَجْرًى واحداً؛ لأنَّه معدول عن القصاص، فيحتاط فيه كما في القصاص.
والثاني: أنا ذكرناهما، إذا تخلَّل المُهْدِر بين الجُرْحَ والمَوْتَ قولاً إنه يجب القصاص مع أن الجراحة تؤثِّر وتُؤْلِم في حالة الإهدار، فصورة الرمْي أولَى بإثبات الخلاف.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا طرأ ما يغير مقدار الدِّيَة، فالواجب القَدْر، الذي يقتضيه يَوْمَ المَوْت؛ لأَنَّ الضمانَ بَدَلُ التالف فيُنْظَر فيه إلَى حَال التَّلَف، وقَدْ يكونُ التغَيُّر من الأكثر إلَى الأقل، وقد يكْونُ بالعكْس، أما الأوَّل فكما لو جَنَى على نصرانيٍّ، فَتَمَجَّس، ثم مات، فإن قلْنا: يُقَرَّ النصرانيُّ إذا تمجَّس على التمجُّس، فعَلَى الجانِي ديةُ مجُوسِيٍّ؛ اعتباراً بالآخِرِ، فإن قلْنا: لا يُقَرُّ عليه، فهو كما لو ارْتدَّ المجْرُوحُ، ومات، فعلى أصحِّ الوجهين يجِبُ الأقل من أرْش الجناية على النصرانيِّ أو دية نفسه وعَلَى ما ذكره الإصطخريُّ: يجب الأرْش بالغاً ما بَلَغ، ولو جرحِ نصرانيٌّ نصرانيّاً، ونقض المجروح، العهْدَ، والْتَحَقَ بدارِ الحَرْب، ثم سبي واسْتُرِقَّ، ومات بالسراية، فلا قِصَاصَ في النَّفْس؛ لتَخلُّل حالة الإهْدَار؛ ولأن الحُرَّ لا يُقْتَل بالعَبْدِ، ويجب قصاص الطَّرَفِ، إنْ