للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهما صحيحان وقد تجد: "وكذلك في أيام العادة" وهو فاسد، ولا يخفى عليك ذلك إذا عرفت ما قدمناه، وليكن قوله: "إنه حيض كأيام العادة" مُعَلَّماً بالألف؛ لأن الحكاية عن أحمد، أنه ليس بحيض قوله: "لا لضعف اللون" معلماً بالحاء؛ لأن عند أبي حنيفة هو حيض كما هو الأصحّ عندنا، -والله أعلم-.

الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الَّتِي نَسِيَتْ عَادَتَهَا

قال الغزالي: وَلَهَا أَحْوَالٌ: الأُولَى الَّتِي نَسِيَتِ العَادَةَ قَدْراً وَوَقْتاً وَهِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ وَهِيَ مَرْدُودَةٌ إِلَى المُبْتَدَأَةِ فِي قَدْرِ الحَيْضِ، وَاِلَى أَوَّلِ الأَهِلَّةِ فِي قَوْلٍ ضَعِيفٍ وَالصَّحِيحُ أنَّهُ لاَ يُعَيَّنُ أَوَّل الأَهِلَّةِ فَإِنَّهُ تَحَكُّمْ بَلْ تُؤمَرُ بِالاحْتِيَاطِ أخْذاً بِأشَقِّ الاحْتِمَالاَتِ فِي أُمُورٍ سِتَّةٍ.

قال الرافعي: النَّاسية لعادتها إما أن تكون مميزة بشرط التمييز، وإما ألا تكون كذلك، فإن كان الأول فهي مردودة إلى التمييز؛ لأن الرجوع إلى العادة فقد تعذر، فنأخذ بدلالة التمييز كيف [اتفق] ولو أمكن الرجوع إلى العادة أيضاً، لكنا نأخذ بالتَّمييز على الأصح، وفي هذه الحالة لا تحير، ولا إشكال، وعن الإِصْطَخْرِيِّ وابن خيران أَنَّهَا لا ترد إلى التَّمييز، ولا فرق بين أن تكون مميزة أو لا تكون، وهذا لائق بمصيرهما إلى تقديم العادة عند اجتماع المعنيين، لكن المشهور الأصح [هو] الأول، وإن لم تكن مميزة بشرطه، وهذه الحالة هي المقصود بهذا الباب، فلها ثلاثة أحوال؛ لأنها: إما أن تكون ناسية لقدر الحيض ووقته جميعاً، وإما أن تكون ناسية لقدر [الحيض] دون الوقت وإما أن تكون بالعكس من ذلك الحالة الأولى: أن تكون ناسية لهما جميعًا وتعرف بالمتحيرة لتحيرها في شأنها، وقد تسمى محيرة أيضاً، لأنها تحير الفقيه في أمرها، وبعضهم يضع اسم المتحيرة موضع الناسية فتسمى ناسية الوقت وناسية القدر أيضاً متحيرة، وكذلك فعل صاحب الكتاب في "الوسيط" والأول أحسن والنسيان المطلق قد يعرض لغفلة وعلة عارضة، وقد [تُجَنّ] صغيرة وتستمر لها عادة في الحيض ثم تفيق وهي مستحاضة فلا تعرف مما سبق شيئاً، وفي حكمها في هذه الحالة قولان:

أحدهما: أنها مردودة إلى المبتدأة؛ لأن العادة المنسية لا يمكن استفادة الحكم منها فيكون كالمعدومة ألا ترى أن التَّمييز لما لم يمكن استفادة الحكم منه لفوات بعض الشروط الحق بالعدم؛ ولأن المصير إلى القول الثَّاني يلزمها حرجاً عظيماً على ما سيأتي، ولا حرج في الدّين.

<<  <  ج: ص:  >  >>