للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرابع: حكاه القاضي ابن كج: أنه إنما يحكم بكون الصُّفرة والكدرة حيضًا، بشرط أن يسبقها دم قوي، ويلحقها دم قوي لينسحب الحكم على المتخلل [وإلا كما ليس على هيئة الدِّماء لا يعطي له حكمها]، وأما المبتدأ، فقد حكى إمام الحرمين عن بعض الأصحاب: أنها إذا رأت صفرة أو كدرة ثم طهرت، فحكم مردها على اختلاف القولين وهما الأقل، والغالب كأيام العادة في حق المعتادة.

قال أبو الصحيح أنه كما وراء أيام العادة فحصل وجهان، كما روى صاحب الكتاب إن قلنا: إنه كأيام العادة فالصفرة والكدرة فيها حيض بلا خلاف، وإن قلنا: كما وراء أيام العادة عاد فيه الأوجه وهذا هو الذي ذكره الجمهور. ولنوضح هذه المسألة بالأمثلة: امرأة عادتها أن تحيض من كل شهر خمسة وتطهر الباقي، فرأت خمستها صفرة، أو كدرة، وطهرت فهي حائض في تلك الخمسة بلا خلاف.

ولو رأت خمستها سوادًا ثم خمسة صفرة أو كدرة وانقطع ما بها، فعلى الوجه الأول: الكل حيض وعلى الثَّاني حيضها بالسَّواد وعلى الثالث: الكل حيض لتقدم السّواد وعلى الرَّابع: حيضها السواد؛ لعدم لحوق القوي.

ولو رأت مبتدأة خمسة عشر فما دونها صفرة أو كدرة فالَّذي رأته حيض على الوجه الأول دون الثَّاني؛ لخروجه عن أيام العادة وكذلك على الوجه الثَّالث؛ لأنَّه لم يتقدمه سواد ولا حمرة وكذا على الرَّابع، لعدم المتقدم والتأخر، هذا على طريقة طرد الخلاف، وفي مردها الوجه الذي سبق. وإذا اعتبرنا تقدم [الدَّم] القوي أو تأخره ففي المقدار المشروط وجهان:

أصحهما: أنه لا يشترط له قدر معين، لأن المعنى فيه ما ذكرنا من هيئة التَّدريج وإذا سبق الدم القوي، وقد يتسارع إليه الضّعف، وقد لا يتسارع، ولا ينضبط وهذا هو الذي ذكره في الكتاب حيث قال: "ولو لحظة".

والثاني: أنه يشترط أن يكون قدر يوم وليلة ليكون حيضًا بنفسه، حتى يقوي على امتناع غيره، وأما ما حكاه من لفظ الشّافعي -رضي الله عنه- في أول الفرع فقد نص عليه في "المختصر"، واختلفوا في المراد بأيام الحيض بحسب ما حكيناه من الخلاف.

فمن قال: الصّفرة والكدرة في أيام العادة حيض لا غير قال: المراد بأيام الحيض أيام العادة ومن قال: حيض فيما وراء أيام العادة وفي المبتدأة، قال: أراد بأيام الحيض زمان إمكان الحيض.

ولفظ الكتاب بعد رواية هذا النص يختلف في النسخ، فقد تجد في بعض النسخ: "وذلك في أيام العادة" وهذا لفظه في "الوسيط"، وقد تجد: "وهو كذلك في أيام العادة"

<<  <  ج: ص:  >  >>