للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالمذهب ما ضَبَطه الإمامُ، وجرى عليه صاحبُ الكتاب، وهو أنه إن مضى زمان ينقطع فيه الذَّين ألفوا المعامَلَةَ معه، ويستَحِقُّون المعاملةَ مِع غيره، بَطَلَ حقُّهُ، وإنْ كان دُونَه، لم يَبْطُل؛ لأنَّ الغرض من تعيين لموْضِع أن يُعْرَف، فيعامل، فلا فرْقَ بين أن تكونَ المفارقةُ، لعُذْر كالسفر أو المرض، أو لغيرِ عذرٍ، وَعلَى هذا، فلا يَبْطُلُ حقُّهُ؛ بأنْ يرجع في الليل إلى بيته، وليس لغيره مزاحمته، في اليوم الثاني.

وكذلك الأسواقُ التي تقام في كلِّ أُسْبُوعٍ، أو في كلِّ شهرٍ مرةً، إذا اتخذ فيها مَقْعَداً، كان أحقَّ به في النَّوْبَةِ الثَّانية، وإن تخلَّلتَ بينهما أيَّامٌ.

وقال الإِصْطَخْرِيُّ: إذا رَجَعَ إلَى بيته باللَّيْل، فسَبَق إلَى الموضع غَيْرُه، فهو أحقُّ به، كما إذا فارقَ موْضِعِهِ مِنَ المَسْجِد، وعاد للصَّلاة الأُخْرى؛ وقد سبقه إليه غيره.

وفرَقَتْ طائفةٌ، منهم صاحبُ "الشَّامل" والقاضي الرُّويانيُّ بيْن أن يجلس بإقطاع الإمامِ، فلا يَبْطُلُ حقُّه، إذا قام عَنْهُ، ولَيْسَ لغيره الجُلُوسُ فيه، وبين أن يستقل، فإنْ ترَكَ فيه شيئاً مِنَ رَحْلِه أو متاعِه، بقي حقه، وإلاَّ، فلا.

وإذا قلْنا بالأول، فلو أراد غيرُهُ أنْ يَجْلِس فيه في مُدَّة غَيْبته القصيرة إلى أن يَعُودَ، ففيه وجهان:

أَحَدُهُمَا: لا يُمَكَّنُ؛ لأنَّ الأئمَّةَ يتخيَّلون إعراضه.

والأظهرُ: الثَّاني؛ كيْلا تتعطل (١) منفعة الموْضِع في الحال، وهذا في جلوس الغير للمعامَلَةِ، فأمَّا لغيرها، فلا يُمْنَع بحال (٢).

ولْيُعْلَم قوله في الكتاب: "فيَبْقَى حقُّه" بالواو؛ لما ذكرنا من الخلاف.

[فرعان]

الأوَّل: كما أن موضع الجُلُوس يختصُّ بالجالس فلا يزاحَمُ فيه، كذلك ما حَوْلَه قدْرَ ما يحتاج إلَيْه؛ لوضع متاعه، ووقوف المعامِلِينَ فيه، وليس لغيره أن يقْعُد حيْثُ يمتنع منْ رؤية متاعه، أو وُصُول المعاملين إليه، أو يُضَيِّق علَيْه الكَيْلَ والوَزْن، والأخذ والإعطاء (٣).


(١) في ز: تبطل.
(٢) قال النووي: وإذا وضع الناس الأمتعة وآلات البناء ونحر ذلك في مسالك الأسواق والشوارع ارتفاقاً لينقلوها شيئاً بعد شيء، منعوا منه إن أضر بالمارة إضراراً ظاهراً، وإلا، فلا، ذكره المارودي في "الأحكام السلطانية".
(٣) قال النووي وليس له منع من قعد لبيع مثل متاعه إذا لم يزاحمه فيما يختص به من المرافق المذكورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>