للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ، وَفِيهِ بَابَانِ

البَابُ الأَوَّلُ فِي السَّبْقِ

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ للِسَّابِقِ بِالخَيْلِ أَوِ المُصِيبِ فِي النِّضَالِ مَالٌ لِيَكُونَ ذَلِكَ تَرْغِيباً فِي إِعْدَادِ أسْبَابِ القِتَالِ، وَالنَّظْرُ فِي شُرُوطِ العَقْدِ وَأحْكَامِهِ أمَّا الشُّرُوطُ فَهِيَ سِتَّةٌ: الأَوَّلُ: أَنْ يَعْقِدَ عَلَى عُدَّةِ القِتَالَ وَأَصْلُهُ مِنَ الحَيَوَان الخَيْل وَفِي الخَبَرِ لاَ سَبْقَ إِلاَّ في خُفٍّ أَو حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ وَالمُرَادُ بِالخُفِّ الإِبِلُ، وَالفِيلُ فِي مَعْنَاهُ لأَنَّهُ أغْنَى مِنْهُ فِي القِتالِ، وَلاَ يُلْحَقُ بِهِ البَغْلُ وَالحِمَارُ، وَأَمَّا النَّصْلُ فَفِي مَعْنَاهُ المَزَارِيقُ وَالزَّانَاتُ وَسَائِرُ أَنوَاعِ الرَّمْيِ عَلَى اخْتِلاَفِ القِسِيِّ، وَالسِّهَامُ يَدْخُلُ فِيهِ الرَّمْيُ بِالمَسَلاَّتِ وَالِإبَرِ، وَفِي التَّرَامِي بِالحِجَارَةِ وبِالمَقَالِعِ وَالتَّردُّدِ بِالسُّيُوفِ خِلاَفٌ، وَكَذَا فِي مُسَابَقَةِ الطُّيُورِ وَالحَمَامَاتِ لِنقْلِ الأَخْبَار، وَالظَّاهِرُ مَنْعُهُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: المسابقة والمناضلة جائزتان، بل محبوبتان، وإذا قُصِد بهما التأهبُّ للجهاد (١)؛ لما رُوِيَ عن ابن عمَر -رضي الله عنهما- أن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- "سَابَقَ بَيْنَ الخَيْلِ الَّتي قَدْ أُضْمِرَت مِنَ الحَفْياء إلى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تضمَّرْ مِنَ الثَّنيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ" (٢).

وإضمار الخيل وتضميرها أن تسمن، ثم تحبَسَ في بيت، وتغشى بالجلال؛ لتعرف ولا تعلف بعْد ذلك، إلا ما تتَقوَّت به؛ لتضمر وتذهب رخاوتها، فتكون أقوى على العَدْو.

"الحَفَا" تُمَدُّ وتُقْصَر، يقال: إن بينها وبين الثنية خَمْسَةَ أميال، أو ستة، ويُرْوَى أن العَضْباء، ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كَانَتْ لاَ تُسْبَقُ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُود لَهُ، فَسَبَقَهَا،


(١) بل ينبغي أن يكونا فرض كفاية؛ لأنهما وسيلة للجهاد، وهو فرض كفاية كما بحثه الزركشي. ويجاب بأن الجهاد لا يتوقف عليه
(٢) أخرجه البخاري (٢٨٦٨) ومسلم (١٨٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>