قال الرافعي: كلام هذا الفصل مبني على قولي: خلطة المِلْك والعَيْن أيضاً، وخاصيته أن الواحد إذا خالط ببعض ماله واحداً وببعضه آخر ولم يخالط أحد خليطة الآخر، وما ترجم الفصل به لا يفصح عن هذه الخاصيّة، لكنها هي المقصودة.
إذا عرفت ذلك فنقول: إذا كان للرجل أربعون من الغنم فخلط عشرين منها بعشرين لرجل لا يملك سواها، والعشرين الباقية بعشرين لآخر لا يملك سواها، فإن قلنا: الخلطة خلطة الملك فعلى صاحب الأَرْبَعِين نصف شاة؛ لأنه خليط لهما ومبلغ الأموال ثمانون وواجبها شاة فحصة الأربعين نصفها، وأمَّا كل واحد من صاحبي العشرين فماله مَضمُوم إلى جميع مال صاحب الأربعين، وهل يضم إلى مال الآخر؟ أيضاً فيه وجهان:
أحدهما: نعم، لينضم الكلّ في حقهما كما انضم في حق صاحب الأربعين.
والثاني: لا؛ لأن كل واحد منهما لم يخالط بماله الآخر أصلاً بخلاف صاحب الأربعين، فإنه خالط كل واحد منهما ببعض ماله فلذلك ضم الكل في حقه، وهذا أصح عند الشيخ أبي علي، والأول اختيار صاحب "التقريب"، وبه أجاب أصحابنا العراقيين.
وإن قلنا بالوجه الثاني، فعلى كل واحد منهما ثلث شاة؛ لأن مبلغ ماله ومال خليطه ستون، وواجبها شاة حصّة العشرين منها ثلث، وإن قلنا بالأول فعلى كل واحد منهما ربع شاة؛ لأن المجموع ثمانون حصّة العشرين منها ربع وإن قلنا: الخلطة خلطة عين فعلى كل واحد من صاحبي العشرين نصف شاة؛ لأن مبلغ ماله وما خالط ماله أربعون، وله نصفها وأما صاحب الأربعين فيجيء فيه الوجوه المذكورة في الفصل الأول في حق صاحب الستين.