للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَابُ الثَّانِي في الفَسَادِ بِجِهَةِ الرِّبَا

" القول في باب الربا" قال الغزالي: قالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ وَالوَرِقَ بِالوَرِقِ وَالبُرَّ بالبُرِّ وَالتَّمْرَ بِالتَّمْرِ وَالشَّعِيرَ بالشَّعيرِ وَالمِلْحَ بِالمِلْحِ إِلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ يَداً بِيَدٍ (١)، فَمَنْ بَاعَ شَيْئاً مِنْ هَذِهِ المَطْعُومَاتِ بِجِنْسِهِ فَلْيَرْعَ المُمَاثَلَةَ بِمِعْيَارِ الشَّرْعِ وَالحُلُولِ أعْنِي ضِدَّ النَّسِيئَةِ وَالتَّقَابُضِ (ح) فِي المَجْلِسِ فَإنْ بَاعَ بِغَيْرِ جنْسِهِ لَمْ يَسْقُطْ إِلاَّ رِعَايَةُ المُمَاثَلَةِ فِي القَدْرِ، وَفِي مَعْنَى المَطْعُومَاتِ كُلُّ مَا يَظْهَرُ فِيهِ قَصْدُ الطَّعْمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقَدَّراً حَتَّى السَّفَرجَلُ (و) وَالزَّعْفَرَانُ (م) وَالطِّيْنُ الأَزمَنِيٌّ (م)؛ لأَنَّ عِلَّةَ رِبَا الفَضْلِ فِيهِ الطُّعْمُ (م ح) ولكنْ فِي المُتَجَانِسَيْن، وعِلَّةُ تَحْرِيمِ النَّسَإ وَوُجُوبِ التَّقَابُضِ الطَّعْمُ (م ح) فَقَطْ، وَإذَا بِيعَ مَطْعُومٌ بِمَطْعُومِ فهُو في مَحَلِّ الحُكْم بتَحْرِيمِ النسَإِ ووَجُوبِ التَّقَابُضِ، وِعِلَّةُ الرِّبَا في النَّقْدَينِ كَوْنُهُمَا جَوْهَريُّ الأَثْمَانِ (ح) فَتَجْرِي في الحُليِّ وَالَأوَانِي المُتَّخَذَةِ مِنْهُمَا، وَلاَ يَجُوزُ سَلَمُ شَيْءٍ في غَيْرِهِ إِذَا كَانَا مُشْتَرِكَيْنِ في عِلَّةِ النَّقْدِيَّةِ أَوْ في الطُّعْمِ.

قال الرافعي: لما كان الطَّرف الأول من الكتاب معقوداً في صحَّة البيع وفساده، وقد تكلم في الباب الأول في الأركان وشروطها، وجب النَّظر في أسباب الفَسَاد، وتارة يكون لاختلال في الأركان أو في بعض شروطها، وإذا عرفت اعتبارها عرفت أن فقدها مفسد، وتارة يكون لغيره من الأسباب، فجعل بقية أبواب الطَّرف في بيانها، فمنها الرِّبا (٢).


= وتعليق الجويني وغيرهم أن القول قول المشتري وأطال في تقرير ذلك. قال الأذرعي -رحمه الله تعالى-: غالب من ذكره يرى ترجيح قبول قول مدعي الفساد وأما مسألتنا فطريقة أصحاب القفال ما ذكره في الجزم بتصديق المشتري وفي أصح القولين والطريق الثاني أن المسألة على وجهين كما ذكره المصنف يعني به الشيخ النووي ثم أطال في ذلك إلى أن قال: فلم يغلط الغزالي ولا المصنف وأما اختلاف الترجيحين فقضية أخرى.
(١) أخرجه مسلم (١٥٨٧) والشافعي (١٢٩٥) والبيهقي (٢٧٦٥).
(٢) الربا حرام كله قليله وكثيره وهو من الكبائر بل من أكبرها حتى قيل إنه لم يحل في شريعة قط وربما استؤنس لهذا بقول الله تعالى في حق اليهود: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (١٦٠) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>