للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنظيره في خيار الشرط، ولو باعه قبل الرؤية لم يصح، بخلاف ما لو باع في زمن خيار الشرط يجوز على الأصح، لأنه يصير مجيزاً للعقد، وهاهنا لاَ إِجازة قبل الرُّؤية لما سبق.

الثاني: نقل القَاضِي الرُّويَانِي وصاحب "التَّتمة" وجهاً: أنه يعتبر على قول اشْتِرَاط الرُّؤية الذَّوق في الخَلّ ونحوه، والشَّم في المِسْك ونحوه، واللَّمس في الثياب ونحوها، فإن كيفياتها المقصودة بهذه الطرق تعرف، والمشهور أنها لا تعتبر، وإنما هي ضرب انتفاع واستعمال.

فرع ثالث: ذكر بعضهم: أنه لا بد من ذكر موضع المبيع، فلو كان في غير بلد التبايع وجب تسليمه في ذلك البلد، ولا يجوز شرط تسليمه في بلد التبايع، بخلاف السلم فإنه مضمون في الذِّمّة، والعَيْن الغائبة غير مضمونة في الذمة، فاشتراط نقلها يكون بَيْعاً وشَرْطاً.

فرع رابع: قال حجة الإسلام في "الوسيط": ووقع في الفتاوى: أنه رأى رجل ثوبين ثم سرق أحدهما فاشترى الرجل الثوب الباقي وهو لا يدري المسروق أيهما، فقلت: إن تساوت صفة الثوبين وقدرهما وقيمتهما كنصفي كِرْبَاس واحد صح العقد، فإنه اشترى مُعَيناً مرئياً مَعْلوماً، وإن اختلفا في شَيْء من ذلك، خرج على قولي بيع الغائب، لأنه ليس يدري أن المشتري منهما الطويل أو القصير مثلاً، فلم تفد الرؤية السَّابقة العلم بحال المَبِيْع عند العَقْد فلا تغنى، وهذا الذي ذكره يتأيد بأحد الرأيين فيما إذا لم يملك إلا عبداً واحداً فحضر في نفر من العبيد، فقال سَيِّده: بعتك عبدي من هؤلاء، والمشتري يراهم وهو لا يعرف عين ذلك العبد.

فرع خامس: إذا لم نَشْتَرط الرُّؤية واختلفا، فقال البائع للمشتري: قد رأيت المبيع، وقال المشتري: ما رأيته، ففيه وجهان:

أحدهما: أن القول قول البائع، لأنه اختلاف في سبب الخيار، فأشبه ما لو اختلفا في قدم العيب.

وأظهرهما: عند أبي الحسن العبادي: أن القول قول المشتري، كما لو اختلفا في اطلاعه على العيب. هذا إذا لم نشترط الرؤية، فإن شرطناها وفرض هذا الاختلاف، فقد ذكر المصنف في فتاويه: أن القول قول البائع؛ لأن للمشتري أهْلِيّة الشراء وقد أقدم عليه، فكان ذلك اعترافاً منه بصحة العقد، ولا ينفك هذا عن الخلاف -والله أعلم-. (١)


(١) قال من زياداته: هذه مسألة اختلافهما في مفسد العقد وفيها الخلاف المعروف والأصح أن القول قول مدعي الصحة وعليه فرعها الغزالي. ادعى الشيخ جمال الدين في المهمات أن الذي أفتى به الغزالي وجرى عليه الشيخان مردود نقلاً وبحثاً ونقل عن التتمة والبحر وتعليق القاضي حسين =

<<  <  ج: ص:  >  >>