للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى الحناطي وَجْهاً ثالثاً وهو أنها لا تبلغ الشَّطْرَ أيضاً، بل تَنْقُصُ عن شَطْرِ المَهْرِ، كما يحط التعزير عن الحَدِّ، ويوافقه قَوْلُهُ في الكتاب: "وينبغي أن يحطَّ عن شَطْرِ المهر" ولم يذكر في "الوسيط" هكذا، لكن قال: لا يُزَادُ على شَطْرِ المَهْرِ ثم قضية ما ذكره في "الوسيط" اعْتِبَارُ نِصْفِ المسمى، وإن لم يسم شيئاً، اعتبر نِصْفُ مَهْرِ المِثْلِ.

وقال أبو حنيفة: تَتَقَدَّرُ المُتْعَة ثلاثة أبواب: دِرْعٌ وخِمَارٌ ومِقْنَعَةٌ، إلا أن يكون نِصْفُ مَهْرِ مِثْلَها أَقَلَّ من ذلك.

وعن أحمد في رواية أنها تَتَقَدَّرُ بما تُجْزِئُ فيه الصلاة، وفيه رواية: يُقَدِّرُهَا الحَاكِمُ.

البَابُ الخَامِسُ في التَّنَازع، وَفِيهِ مَسَائِلٌ

قَالَ الغَزَالِيُّ: (إِحْدَاهَا): إِذَا تَنَازَعَا في قَدْرِ المَهْرِ أَوْ صِفَتِهِ تَحَالَفَا كَمَا فِي البَيْعِ وَيَجْرِي ذَلِكَ بَعْدَ انْقِطَاعِ النِّكاحِ وَبَعْدَ المَوتِ؛ لأَنَّ الصَّدَاقَ كَعَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ بنَفْسِهِ، وَيَحْلِفُ الوَارِثُ النَّافِي عَلَى نَفْيِ العِلْمِ وَالمُثْبِتُ عَلَى البَتِّ، وَفَائِدَةُ التَّحَالُفِ انْفِسَاخُ الصَّدَاقِ وَالرُّجُوعُ إِلَى مَهْرِ المِثْلِ، وَلَهَا ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَا ادَّعَتْهُ أَقَلَ منْ مَهْرِ المِثْلِ، وَلَوِ ادَّعَتِ التَّسْمِيَةَ وأَنْكَرَ الزَّوجُ أَصْلَ التَّسْمِيَةِ تَحَالَفَا، وَقِيلَ: القَوْلُ قَوْلُهُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: مقصود الباب القَوْلُ في التَّنَازُعِ في الصداق، وَيشْتَمِل على مسائل: منها: إذا اختلف الزَّوْجَانِ في قَدْرِ الصَّدَاقِ، أو في صِفَتِهِ، كالصحة والتكسُّر والحلول والتأجيل، وكَقَدْرِ الأَجَلِ، تَحَالَفَا، كما في البَيْعِ، ولا فَرْقَ بين أن يَكُونَ هَذَا الاختلاف قبل الدُّخُول أو بعده.

وقال أبو حَنِيْفَةَ ومالك: إن كان بَعْدَ الدُّخُولِ، فالقول قول الزوج مع يمينه، وإن كان قبل الدخول، فعن أبي حَنِيْفَةَ القَوْلُ قَوْلُهَا في قَدْرِ المَهْرِ، وقول الزوج فيما زاد.

وعند مالك يَتَحَالَفَانِ، وُيفْسَخُ النِّكَاحُ؛ بناءً على أصله أن فساد الصَّدَاقِ يُوجِبُ فَسَادَ النكاح. وعن أحمد: أن القول قَوْلُ الزوج، إلا أن يدعي ما يستنكر في العَادَةِ، وكما يجري التَّحَالفُ مع قيام الزوجية يجري التَّحَالُفُ بعد انْقِطَاعِهَا؛ لأن الصَّدَاقَ كَعَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ بنفسه، وأثر التَّحَالُفِ يظهر فيه، لا في النكاح.

وعن أبي حَنِيْفَةَ: أن بعد انْقِطَاع النكاح لقَوْل قَوْلُ الزوج مُطْلَقاً، ويجري التَّحَالُفُ فيما إذا مَاتَ الزَّوْجَانِ، واختلفَ الوَارِثَانِ في الصدق، أو أَحَدُ الزوجين، ووقع


= فرضه الحاكم، ويشهد له من كلام الأصحاب نظائر، منها أن الحاكم لا يبلغ بحكومة عضو مقدّرة ومنها ألا يبلغ بالتعزيز الحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>