للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاخْتِلاَفُ بين وَارِثهِ، وبين الآخر، لكنه إذا كان الاخْتِلاَفُ بين الزَّوْجَيْنِ، فاليمين في طَرَفِ النَّفْيِ والإثبات على البَتّ، والوَارِثُ يَحْلِفُ في النَّفْيِ على نَفْي العِلْمِ، وفي الإِثبات علىَ البَتِّ، كما هو دَأْبُ اليمين على فعل الغير، فيقول وَارِثُ الزوج: وَاللهُ لا أعلم أن مُوَرِّثِ ينكحها بألف، إنما نَكَحَهَا بخمسمائة، ويقول وَارِثُ الزوج: واللهِ لا أعلم لأنه نَكَحَ مورثتي على خمسمائة، وإنما نكحها بألف هذا هو المشهور، وأَحْسَنَ بعض الشارحين، فقال: عندي يَحْلِفُ على البَتِّ في النَّفْيِ والإِثبات جميعاً؛ لأن القَاطِعَ بأن النِّكَاحَ جَرَى بخمسمائة قاطع بأنه ما جَرَى بألف، فإذاَ ثبت بأنه نكح بخمسمائة، فلا معنى لقوله: لا أَعْلَمُ لأنه ما نَكَحَهَا بألف.

وعند أبي حنيفة إن مات أَحَدُ الزوجين، ووقع الاخْتِلاَفُ بين وَارِثهِ، وبين الآخر، فالحكم كما في اخْتِلاَفِ الزوجين.

وإن مَاتَا معاً، فالقول قَوْلُ وَرَثَةِ الزوج بلا تَفْصِيلٍ. وكَيْفِيَّةُ اليمين ومن به البدَايَةُ على ما مَرَّ في البَيْعِ.

وإذا تَحَالَفَا فيفسخ الصداق، ثم تَرْجِعُ المَرْأَةُ إلى مَهْرِ المثل، وقد ذكرنا في البَيْعِ وَجْهاً أنه يُفْسَخُ البيع بنفس التَّحَالُفِ، فليجيء مثله هاهنا، [وليكن] (١) القول فيمن يَتَوَلَّى الفَسْخَ، وفي الانفساخ بَاطِناً على ما مَرَّ في البَيْعِ، وقد صرح بجميع ذلك الحناطيُّ.

ولا يَخْتَلِفُ الرُّجُوعُ إلى مَهْرِ المِثْلِ، بين أن يكون زَائِداً على ما تَدَّعِيهِ المَرْأَةُ، كما إذا ادَّعَتْ أن الصَّدَاقَ ألف، وادَّعى الزوج أنه خمسمائة، ومهر مثلها ألفان، وبين ألا يكون زَائِداً؛ لأن التَّحَالُفَ يسقط ما يَدَّعِيَانِهِ، ويصير كأنه لم يَجُرِ ذِكْرُ هذا، ولا ذاك.

وقال أحمد بن خَيْرَانَ؛ إذا كان مَهْرُ المثل زَائِداً على ما ادَّعَتْهُ، فليس لها إلا ما ادَّعَتْهُ، ويحكى هذا عن ابن الوَكِيلِ أيضاً.

والصحيح الأَوَّلُ هذا في الظاهر.

وأما في الباطن، فإن قلنا: إنه لا يَنْفَسِخُ، لم يَخْفَ ما يحلُّ لها.

ولو ادَّعَتِ المرأة مَهْراً مُسَمَّى، وأنكر الزوج أصل التسمية، فوجهان:

أحدهما: أن القَوْلَ قَوْلُ الزوج مع يَمِينِهِ؛ لأن الأَصْلَ عدم التسمية.

وأصحهما: وبه قال القاضي الحسين أنهما يَتحَالَفَانِ؛ لأن الزَّوْجَ إذا لم يدع التَّفْوِيضَ، فكأنه يقول: الواجب مَهْرُ المِثْلِ، وهي تقول: الواجب ألف بالتسمية، فَحَاصِلُهُ الاختلاف في قَدْرِ الصَّدَاقِ [فيتحالفان] (٢) وإنما يَحْسُنُ وضع المسألة إذا كان ما


(١) في أ: ولكن.
(٢) سقط في: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>