للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يدعو بما أحب، ولا يتكلم في أثناء التلبية بأَمر ونَهْيٍ وغيرهما، لكن لو سُلِّمَ عليه رد (١)، نص عليه (٢)، ومن لم يحسن التلبية بالعربية لَبَّى بلسانه، واعلم أنه يستحب الإتيان بالسُّنَنِ الخمس على التَّرْتِيبِ المَذْكُورِ في الكِتَابِ.

نعم، لم أرَ ما يقتضي ترتيباً بين التطييب والتجرد.

ويستحب أيضاً للمحرم أن يتأهب للإحرام بحلق الشَّعْرِ، وتقليم الظفر، وقصّ الشَّارب، وقد روي أنه -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ غَسَلَ رَأْسَهُ بِأَشْنَانِ وَخَطْمِيِّ (٣) " وبالله التوفيق.

الفَصْلُ الثَّالِثُ فَي سُنَنِ دُخُولِ مَكَّةِ

قال الغزالي: وَهِيَ أَنْ يغْتَسِلَ بِذِي طُوًى، وَيَدْخُلَ مَكَّة مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءِ، وَيَخْرُجَ مِنْ ثنِيَّةِ كُدَىٍّ وَإذَا وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى الكَعْبَةَ قَالَ: اللهمَّ زِدْ هَذَا البَيّتَ تَشْرِيفاً وَتَعْظِيماً وَتَكْرِيماً وَمَهَابَةً وَبِرّاً وَزِدْ مِنْ شَرَفِهِ وَعَظَمِهِ مِمَّنْ حَجَّهُ وَاعْتَمَرهُ تَشْرِيفاً وَتَعْظِيماً وَتَكْرِيماً وَمَهَابَةَ وَبِرْاً، ثُمَّ يَدْخُلَ البَيْتَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيبَةَ فيَؤُمَّ الرُّكْنَ الأَسْوَدَ، وَيبْتَدِئَ طَوَافَ القُدُومِ.

قال الرافعي: المحرم بالحج قد يقرب من مكّة (٤) ووقت الوقوف ضَيِّق، فيعدل عن الجَادة إلَى عَرَفَةَ، فَإِذَا وقف دَخَلَهَا، وهكذا يفعل الحَجِيج الآن غالباً، وقد يتسع


(١) قال الزركشي: لم يصرح بأنه على سبيل الوجوب، أو الاستحباب وكلام الشافعي يقتضي أنه على الاستحباب، فإنه قال: وأحب أن يرد السلام بين ظهراني التلبية، ولا بأس بالحاجة حتى يفرغ منها انتهى. ينظر الروضة (٢/ ٣٥١).
(٢) قال النووي: ويكره التسليم عليه في حال التلبية ينظر الروضة (٢/ ٣٥٢).
(٣) أخرجه الدارقطني (٢/ ٢٢٦) من رواية عائشة -رضي الله عنها-.
(٤) نقول: مكة بالميم، وبكة بالباء الموحدة، واختلفوا فيها على أقوال حكاها في شرح المهذب:
أحدها: أنهما اسمان للبلد.
والثاني: أن مكة بالميم اسم للحرم كله وبالباء اسم للمسجد.
والثالث: أن الميم للبلد والباء للبيت والمطاف.
والرابع: كالثالث لكن باستعارة المطاف. قال: وسميت مكة لمكها الجبارين من قولهم: مك الفصيل ضرع أمه إذا امتصه وبالباء؛ لأن الناس يدفع بعضهم بعضاً في المطاف لكثرة الزحام، والبك الدفع، ومكة أفضل الأرض عندنا خلافاً لمالك في تفضيل المدينة، ونقل القاضي عياض إجماع المسلمين على أن موضع قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أفضل الأرض وأن الخلاف فيما سواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>