للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامسةُ: يُسْهَم للفَرَسِ المستعارِ والمستأْجَرِ، ويكونُ ذلك للمستعِيرِ والمستأْجِرِ، وعن رواية: ابن القَطَّان -رحمه الله- وجه: أنه يكونُ سَهْمُ الفرسِ المستعارِ للمُعِير، وأما الفرسُ المغْصُوب، فوجهان في أنَّه، هل يسهم له: وجْه المنع: أنَّ ركُوبَهُ وإحضارَهُ حرامٌ شرعاً، فكان كالمعدومِ، والأصحُّ الإثبات؛ لحصول الغناء به، وعلى هذا، فهو للمالِكِ (١) أو للغَاصِب الراكِب فيه قولان، ويقال: وجهَان؛ وجه الأَوَّل: أنَّ منافعَ الفَرَسِ وفوائِدَهُ للمالِكِ، وَالأصحُّ الثانِي؛ لأنه الذي أحْضَرَهُ، وشَهِدَ به الوقعةَ، وفي "تعليق" الشيخ أبي حامد -رحمه الله- "بناءُ هذا الخلافِ عَلَى أنَّ ربح الدراهِمِ المغْصُوبَة، للمالك أو للغَاصِب" وقد عرفْتَ بما ذكرنا أنَّ قوله في الكتاب يُسَوَّى بين الجميعَ في القسْمَة يعني قسْمَةَ الأخماس الأربعةِ، ولو حمل عَلَى جميع الغنيمة، لاحتيج إلى استثناء أصْحَاب النَّقَل والسَّلَب أيضاً، ثم هو مُعْلَمٌ بالحاء والميم؛ لأن عندهما يجوز للإمام تفْضيلُ بعض الفارِسين عَلَى بعض، وبعض الراجلين على بعض، كما يراه، وجوز مالك -رحمه الله-: أن يعطي غَيْرَ مَنْ شَهِدَ الوقعة أيضاً.

وقوله: "إنه يعطي ثلاثة أسهم" معلَمٌ بالحاء، ويجوزُ أن يعلم قوله "إلا لراكب خَيْل" بالألف؛ لأن عند أحمد: يجعلُ للبَعِير سهم.

وقوله: "ثم لا فَرْقَ في الفَرَسِ" مُعْلَمٌ بالألف والواو، وكذا قوله: "لم يُعْط إلاَّ لأحدهما"، وقوله: "وكذا للمغصوب" بالواو، ويمكِنُ أنْ يعلم قوله "فقولان" بالواو؛ لأنَّ صاحِبَ "الشامل" رأَى القَطْعَ بأنه للغَاصِبِ.

فَرْعٌ:

إذا كان القتالُ في ماءٍ أو حصنٍ، وقد أحضر الفرس، أسْهم لفرسه؛ لأنَّه قد يحتاج إلى الركوب، حكى ذلك عن نَصِّه في "الأمِّ" وحمله القاضي ابن كج: "عَلَى ما إذا كَانُوا بالقُرْبِ من السَّاحِل" واحتملَ أنْ يَخْرُجَ، ويَرْكَبُ، فأما إذا لم يَحْتَمِلِ، الحالُ الرُّكُوبَ، فَلاَ معنَى لإعطاءِ سَهْمِ الفَرَسِ.

ولك أن تقولُ: قضيةُ التوْجِيهِ المذْكُور أنْ يسْهِمَ لفرَسَيْنِ وأكثر؛ لأنَّه قد يحتاجُ إلَى ركوب الثانِي والثالِثِ، وقد التزم مؤنتهما، وُيرْضَخُ للصبيِّ والذميِّ والفارسين أكثَرَ مما إذا كَانَا راجِلِينَ، ولو أحضر اثنان فرساً مشتركاً بينهما، فلا يعطَيَانِ سهْمَ الفرس؛ لأنه لم يَحْضَر واحدٌ منهما بفرس تام، أو يعطَى كلُّ واحدِ منهما سَهْمَ فرس؛ لأنَّ معه


(١) قال الأذرعي: هذا في مالك لم يشهد الواقعة فأما شاهدها المسلم الكامل فسهما فرسه له للغاصب ولا لمن وجده ضائعاً أو عائراً فجاهد عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>