ويطلق في اللغة على الوطء حقيقة وعلى العقد مجازاً. قال المطرزي والأزهري هو الوطء حقيقة. ومنه قول الفرزدق: [البسيط] إِذَا سَقَى اللهُ قَوْماً صَوْبَ غَادِيَةٍ ... فَلاَ سَقَى اللهُ أَرْضَ الْكُوفَةِ المَطَرَا التَّارِكِينَ عَلَى طَهَرٍ نسَاءَهُمُو ... وَالنَّاكِحِينَ بِشَطَّيْ دِجْلَةِ البَقَرَا وهو مجاز في العقد لأن العقد فيه ضم والنكاح هو الضم حقيقة. قال الشاعر: [الطويل] ضَمَمْتُ إِلَى صَدْرِي مُعَطَّرَ صَدْرِهَا ... كَمَا نَكَحَتْ أُمُّ الْغُلاَمِ حَبِيبها أي كما ضمت أو لأنه سببه فجازت الاستعارة لذلك. وقيل إنه حقيقة في العقد مجاز في الوطء. وقيل هو مشترك بين العقد والوطء اشتراكًا لفظياً ويتعين المقصود بالقرائن فهذا قالوا نكح فلان بنت فلان أو أخته أرادوا تزوجها وعقد عليها وإذا قالوا نكح امرأته أو زوجته لم يريدوا إلا الوطء لأن بذكر المرأة أو الزوجة يستغنى عن العقد ومن هنا نشأ الاختلاف بين الفقهاء هل النكاح حقيقة في الوطء والعقد أو هو حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر فذهب جماعة إلى القول بأن لفظ النكاح مشترك بين الوطء والعقد فيكون حقيقة فيهما. ودليلهم على هذا أنه شاع الاستعمال في الوطء تارة وفي العقد تارة أخرى بدون قرنية، والأصل في كل ما استعمل في شيء أن يكون حقيقة فيه إما بالوضع الأصلي أو يعرف الاستعمال. فالقول بالمجازية فيهما أو في أحدهما خلاف الأصل. وقد قال بعض الحنابلة الأشبه بأصلنا أن النكاح حقيقة في الوطء والعقد جميعاً لقولنا بتحريم موطوءة الأب من غير تزويج لدخولها في قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}. =