للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله في الكتاب: "والمكاتب كالمستولدة" يعني: أنه لا يُبَاعُ إلا في الاسْتِكْسَابِ المذكور في صورة المُدَبَّرِ.

الرابعة: إذا دَبَّرَ أّحَدُ الشريكين نَصِيبَهُ من العَبْدِ المشترك، فظاهر المذهب، وهو المذكور في الكتاب أنه لا يَسْرِي، ولا يُقوَّم عليه نَصِيبُ الشريك؛ لأن التَّدْبِيرَ لا يمنع البَيْعَ، فلا يقتضي السِّرَايَةَ كما لو علق عِتْقَ نصيبه [بصفَةٍ] (١)، وأيضاً فالتَّدْبِيرُ إما [وصية] (٢) للعبد بالعتق، أو تعليق عِتْق بصفة، على ما سيأتي إن شاء الله تعالى، وكل واحد منهما بَعِيدٌ عن السّرَايَةِ، وعلى هذا فلو مات المُدَبَّر، وعتق نَصِيبُهُ، لم يَسْرِ إلى نَصِيبِ شريكه أيضاً؛ لأن الميت معسر، بخلاف ما إذا عَلَّقَ عتق نصيبه بصفة، ووجدت الصِّفَةُ، وهو مُوسِرٌ يُعْتَقُ نصيبه ويَسْرِي (٣). وفيه قول آخر.

ومنهم من يقول: وجه، وبه قال مَالِكٌ أن التدبير يَسْرِي، ويقوّم عليه نَصِيبُ الشريك؛ لأن التَّدْبِيرَ يوجب اسْتِحْقَاقَ العتق بالموت، فصار كالاسْتِيلاَدِ، ومن نَصَرَ المذهب قال: الاسْتِيلاَدُ كالإِتْلاَفِ؛ لأنه يمنع البيع، ولا سبيل إلى دَفْعِهِ، والتدبير بخلافه، وإذا دَبَّرَ بعض عَبْدِهِ الخالص صح، ولا سرَايَةَ على ما سبق.

هذا ظاهر المذهب.

ومن قال بالسّرَايَةِ إلى نصيب الشريك، فَأَوْلَى أن يقول بالسراية هاهنا.

ويجوز أن يُعلَمَ قوله في الكتاب: "لم يسر إلى الباقي" مع الميم والواو بالحاء؛ لأن عند أبي حَنِيْفَةَ إذا دَبَّرَ أحدهما نفسه يخير الشريك بين أن يضمنه القِيمَةَ، وبين أن يستسعى العبد، وبين أن يُدَبِّرَ نصيبه، أو يعتقه.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: النَّظَرُ الثَّانِي في أَحْكامِهِ وَلَهُ حُكْمَانِ الأَوَّلُ: ارْتِفَاعُهُ وَيرْتَفِعُ التَّدْبِيرُ بِخَمْسَةِ أُمُورٍ (الأَوَّلُ: إِزَالَةُ المِلْكِ) وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ المُدَبَّرُ، فَإِنْ عَادَ المِلْكُ فَهَلْ يَعُودُ التَّدْبِيرُ فِيهِ خِلاَفٌ.

" القول في حكم التدبير"

قَالَ الرَّافِعِيُّ: مَقْصُودُ النظر بَيَانُ حُكْمَيْنِ:


(١) سقط في: ز.
(٢) في ز: وصيته.
(٣) مقتضاه أنه لا يسري على القولين سواء قلنا التدبير أو وصية أو تعليق عتق بصفة وقطع القاضي أبو الطيب سراية التدبير عليه.
قال ابن أبي الدم: ولم أر أحداً من الأصحاب صرح بنفي السراية في تعليق العتق قولاً واحداً غير القاضي أبي الطيب ولم يذكر بين الوصية وتعليق العتق على صفة فرقاً والفرق بينهما مشكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>