للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن كان السَّيِّدُ ذِمِّيّاً، ففي جواز اسْتِرْقَاقِ معتقه خِلاَفٌ سبق في موضعه.

ولو اسْتَوْلَى الكُفَّارُ على مُدَبَّر مسلم ثم عاد إلى يَدِ المسلمين، فهو مُدَبَّرٌ كما كان.

الثالثة: الكافر الأَصْلِيُّ يَصِحُّ تدبيره، وتعليقه العِتْقَ بِصِفَةٍ، كما يصح استيلاده ولا فَرْقَ بين الكِتَابِيِّ والمَجُوسِيِّ والوَثَنِيِّ، ولا بين الذِّمِّيِّ والحَرْبِيِّ، ولا يمنع الكافر من حمل مُدَبَّرِهِ ومُسْتَوْلَدَتِهِ الكَافِرَيْنِ إلى دار الحرب، وسَواء جرى التَّدْبِيرُ والاستيلاد في دار الحرب، ثم دخل [دار] (١) الإسلام بأَمَانٍ أو حربياً في دار الإِسْلاَمِ.

وليس له حَمْلُ مُكَاتَبهِ الكافر قَهْراً؛ لظهور اسْتِقْلاَلِهِ (٢)، وإذا دَبَّرَ الكافر عَبْدَهُ الكَافِرَ، ثم أسلم العَبْدُ، نُظِرَ إن رجع السَّيِّدُ عن التدبير بالقول وجَوَّزْنَاهُ، بِيعَ عليه، وإلاَّ ففي بَيْعِهِ عليه قولان مَنْصُوصَانِ في "الأم".

أحدهما: وبه قال مالك، واختاره المزني -أنه يُبَاعُ عليه، ويُنْقَضُ التدبير؛ لأن في بقاء مِلْكِهِ فيه إِذْلاَلاً لِلْمُسْلِمِ، ولا يؤمن أيضاً من أن يستخدمه وَيَسْتَذِلَّهُ.

وأصحهما: وبه قال أبو حنيفة: أنه يُبَاعُ ويبقى (٣) التدبير لتوقع [الحُرِّيَّةِ] (٤)، ولكن يخرج من يَدِهِ، ويجعل في يَدِ عَدْلٍ، ويصرف كَسْبُهُ إليه، كما لو أسلمت مستولدته، فإن خرج سَيِّدُهُ إلى دَارِ الحَرْبِ، أنفق من كَسْبِهِ عليه، وبعث ما فَضَلَ إلى السَّيِّدُ، فإذا مات عتقَ من الثلث، فإن بقي شيء منه لِلْوَرَثَةِ بِيعَ عليهم.

ولو أسلم مُكَاتَبُ الكافر ففيه طريقان:

أولاهما: القَطْعُ بإبقاء الكِتَابَةِ، وبأنه لا يُبَاعُ لانْقِطَاعِ [سلطنة] (٥) السَّيِّدِ عنه، واستقلاله بالكتابة، وإن عَجَزَ عن أداء النُّجُومِ، فعجّزه السيد فحينئذٍ يُبَاعُ عليه.

والثاني: أنه على القولين في المُدَبَّرِ.


(١) سقط في: ز.
(٢) أطلق جواز حمل المدبر والمستولد الكافرين وينبغي تقييده بالكفر الأصلي. قال في القوت: أي إن كان العبد كافراً أصلياً، قال وقيدت إطلاقهم بالكافر الأصلي احترازاً من المرتد فإنه يمنع من حمله لبقاء علقة الإسلام، وكذا يمنع من حمل مكاتبة المرتد إن أطاعه لما ذكرته في معنى المرتد ما لو انتقل العبد المدبر أو المعلق عتقه بصفة أو المكاتب أو أم الولد إلى دين آخر، وقلنا: لا يقر عليه، ولا يقع فيه إلا بالإِسلام، وهذا كله ظاهر، ولم أره صريحاً وكنت أود أنه لو قيل إنه يمنع من حمل مدبره الذي بخالفه في دينه إلى دار الحرب؛ لأنه يحمله على دين نفسه، ولا سيما إذا كان طفلاً. وفي فتاوى ابن الصلاح ما يؤيد هذا.
(٣) في ز: ولا يبقى.
(٤) في ز: الجزية.
(٥) في ز: سلطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>