للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الفَهْمِ من ضمان العهدة هو الرجوع بسبب الاستحقاق، ولو خرج المبيع معيباً فرده المُشْتَرِي، ففي مطالبة الضَّامِنِ بالثمن وَجْهَانِ، وأولى بأن لا يُطَالَب، وبه قال المُزَنِي وَابْنُ سُرَيْجٍ؛ لأن الرَّد هاهنا سبب حادث وهو مختار فيه، فأشبه ما إذَا فسخ بِخِيَارِ شَرْطٍ أو مجلس أو تقابلا، وهذا إذا كان العيب مقروناً بالعَقْدِ، أما إذا حدث في يد البَائِعِ بعد العَقْدِ، ففي "التتمة": أنه لا يطالب الضَّامن بالثَّمَنِ وجهاً وَاحِداً؛ لأنه لم يكن سبب رد الثمن مقروناً بالعقد، ولم يوجد من البَائِعِ تفريط فيه، وفي العيب الموجود عند البيع سَبَب الرَّدِّ مقرونٌ بالعَقْدِ، والبائع مفرط بالإِخْفَاءِ فالتحق بالاستحقاق على رأي (١) ولو تلف المبيع قبل القَبْض وبعد قبض الثمن وانفسخ العقد فهل يطالب الضامن بالثَّمن؟

إن قلنا: إنه ينفسخ من أصله، فهو كظهور الفَسَادِ بغير الاستحقاق، وإن قلنا: من حينه كالرد بالعيب ولو خرج بعض المبيع مستحقاً ففي صِحَّةِ البيع في الباقي قولا تفريق الصفقة.

إن قلنا: يصح فاختار المشتري إن قلنا: يختر بجميع الثَّمن لم يطالب الضَّامِن بشيء، وإن قلنا: يختر بالحِصَّة طالبهُ بحصة المُسْتَحق من الثَّمَن، وإن فسخ طالب بحصة المستحق من الثَّمن ومطالبته بحصة الباقي من الثمن كمطالبته عند الفسخ بالعيب وإن قلنا: لا يصح ففي مطالبته بالثّمن طريقان:

أحدهما: أنه كما لو بأن فساد العَقْدِ بشرط ونحوه.

والثاني: القطع بتوجيه المطالبة لاستناد الفساد إلى الاستحقاق، وهذا كله فيما إذا كانت صيغة الضمان شيئاً مما ذكرنا في الفَصْلِ الأول، أما إذا كان قد عيَّن جهة الاستحقاق، فقال: ضمنت لك الثمن متى خرج المبيع مستحقاً لم يطالب بجهة أخرى [وكذا لو عين جهة غير الاستحقاق لم يطالب عند الاستحقاق].

فَصْلٌ ثَالِثٌ

اشترى أرضاً وبنى فيها أو غرس، ثم خرجت مستحقة وقلع المستحق البناء والغراس، فهل يجب أرش النقصان على البَائِع، وهو ما بين قيمته قائماً ومقلوعاً؟ فيه خلاف مذكور في الكِتَاب في آخر الغَصْبِ، والظاهر وجوبه، وهو الذي حكاه القاضي أَبُو القَاسِمِ الصَّيْمَرِيُّ عَنِ الشَّافِعِي -رضيَ الله عنه - في "علل الشروط" وحكى عن أبي حنيفة إن كان البائع حاضراً رجع المشتري بقيمة البناء والغراس عليه.


= عيب ففي رجوعه بالأرش على الضامن الوجهان. ينظر الروضة ٣/ ٤٨١.
(١) قال النووي: أصحهما لا يرتد. ينظر الروضة ٣/ ٤٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>