للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا ربط دَابَّة في المَوَاتِ، أو في مِلْكِ نفسه، وغاب عنها لم يضمن ما تُتْلِفُهُ، وإن ربطها في الطريق على باب دَارِهِ، أو في موضع آخر، فعليه الضَّمَانُ، سواء كان الطريق ضَيِّقاً، أو واسعاً؛ لأن الارتفاق في الطريق، وان كان جَائِزاً مَشْرُوطٌ بِسَلاَمَةِ العاقبة، كإشراع الجَنَاحِ إليه وفيه وجه: أنه إن كان وَاسِعاً فلا ضَمَانَ عليه، والأول المنصوص ولم يَتَعَرَّضُوا للفرق بين أن يربط بِإِذْنِ الإِمام، أو دون إذنه كما فعلوا في حَفْرِ البِئْرِ في الطريق إذا حفر لِمَصْلَحَةِ نفسه.

وقوله في الكتاب: "وبالليل يَجِبُ" مُعْلَمٌ بالحاء.

وقوله: "إلا أن يأكل من البستان" بالواو. وكذا قوله: "مع اتساع المراعي ضمن" لما بَيَّنَّا.

وقوله: "وحفظ المَزَارع بالنهار على مالكها، وحفظ البَهِيمَةِ بالليل على مالِكِها" توجيهٌ لما سَبَقَ من الفَرْقِ بين الليل والنهار، وتتمةٌ له.

" فَرْعٌ"

إذا أرسل الحَمامَ أو غيرها من الطُّيُورِ، فكسرت شَيْئاً، أو التقطت حَبّاً، فلا ضَمَانَ؛ لأن العادَةَ جَرَتْ بإرسالها. ذكره ابن الصباغ.

قال الغَزَالِيُّ: أَمَّا مَا تُتْلِفُهُ البَهِيمَة فِي الطَّرِيقِ وَمَعَهَا مَالِكُهَا بِخَبْطِهَا أَوْ رُمْحِهَا أَوْ عَضِّهَا فَالضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِهَا، دُونَ مَا يَفِرُّ بِرَشَاشِ الوَحَلِ وانْتِشَارِ الغُبَارِ إِلاَّ مَا يَخْرُجُ عَنِ العَادَةِ مِنْ رَكْضٍ مُفْرِط فِي الوَحْلِ وَالأَسْوَاقِ، أَوْ تَرْكِ الإِبِلِ غَيْر مُقَطَّرَةِ، وَمَا يَتَخَرَّقُ مِنَ الثَّوْبِ بِالحَطَبِ مِنْ خَلْفٍ ضَمِنَهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ إِلاَّ أَنْ يُقَدِّمَ الإِعْلاَمَ والبَيِّنَةَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الحالة الثانية: إذا كان صاحب البَهِيمَةِ معها، فعليه ضَمَانُ ما تتلفه من مال، ونَفْسٍ، سواء أتلفته ليلاً أو نهارًا وسواء كان الذي معها سَائِقهَا أو رَاكبها، أو قَائِدُهَا، وسواء أتلفت بخَيْطِهَا، وهو الضرب باليد، أو بِرُمْحِهَا، وهو الضَّرْبُ بالرجل، أو بِعَضِّها، أو ذَنبها (١) لأنها تحت يده، وتحت تَصَرُّفِهِ، وعليه القيام بِتَعَهُّدِهَا وحفظها.

وقال أبو حنيفة: الراكب والقائد يَضْمَنانِ ما تُتْلِفُهُ بيدها وفمها، دون ما تتلفه برجلها وذَنَبِها، والسائق يضمن الكل.

واحتج الأصحاب بأنها تحت يده على الأحوال كلها، وكما لا يرى القائد ما تفعل برجلها [وذنبها] (٢) لا يرى السائق ما تَفْعَلُ بيدها وفَمِهَا.


(١) في ز: يديها.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>