تجويزه إكراماً، لكن حَكَى المنع نقلاً، والتجويز احتمالاً لا تَأَسِيّاً بالإمام -رحمه الله- فإنه هكذا فعل. خاتمه: إذا أوجبنا الزَّكَاةَ في الحُلِيَّ المباح، فلو اختلف وزن الحلي وقيمته كما لو كانت لها خَلاَخِل وزنها مَائَتَا دِرْهَم، وقيمتها ثلثمائة، أو فرض مثله في المناطق المحلاَّة للرِّجَال، فالاعتبار في الزَّكَاة بوزنها، أو قيمتها فيه وجهان:
أحدهما -وبه قال الماوردي-: أن الاعتبار بالوزن لا بالقيمة؛ لأنها زكاة عين، فلا ينظر فيها إلى القيمة كما في المواشي، ولهذا لو كان وزن الحُلِيّ مائة درهم قيمته بسبب الصنعة مائتان، لا تجب فيها الزَّكَاة.
وأصحهما: عند ابن سريج وعامة العراقيين: أنه نعتبر الصَّنْعَة؛ لأنها صِفَةٌ في العين، فيلزمه إخراج زَكَاة العَيْنِ على تلك الصِّفَة، كما يلزم إخراج المضروب عن المضروب فعلى هذا يتخير بين أن يخرج ربع عشر الحُلِيّ مُشَاعاً، ثم يبيعه السَّاعِي ويفرق الثَّمَنَ على المساكين، وبين أن يخرح خمسة دراهم مصنوعة قيمتها سَبْعَة ونصف، ولا يجوز أن يكسره ويخرج خَمْسَةً مكسورة؛ لأن فيه ضرراً عليه وعلى المساكين، ولو أخرج من الذَّهَبِ ما قيمته سبعة دراهم ونصف، فهو جائز عند ابن سريج لِلْحَاجَةِ ممتنع عند الأكثرين لإمكان تسليم رُبع العشر مُشَاعاً، وبيعه بالذهب بعد ذلك. ولو كانت له آنية وزنها مائتان، ويرغب فيها بثلاثمائة؛ فيبنى حكم زكاتها على الخلاف في جواز الاتخاذ إن جوزناه، فالحكم على ما ذكرناه في الحُلِي، وإن لم نُجَوِّزْ فلا قيمة للصَّنْعَة شَرْعاً، فله إخراج خمسة من غيره، وله كسره وإخراج خَمْسَة منه، وله إخراج أربع عشرة مشاعاً، ولا سبيل إلى إخراج الذَّهب بدلاً. وكل حلي لا يحل لأحد من النَّاسِ فحكم صنعته حكم صَنْعَة الإناء، ففي ضمانها على كَاسِرهِ وجهان.
وما يحل لبعض الناس، فعلى كاسره ضمانها، وما يكره من التحلي فلا يحرم، كالضَّبَّة الصغيرة على الإناء للزينة، ألحقوه بالمحظور في وجوب الزَّكاة.
وقال صاحب "التهذيب": من عند نفسه الأولى أن يكون كالمباح (١).