وغيره مبنيان على المعنى المحرم للبس القفازين، وفيه قولان مستخرجان:
أحدهما: أن المحرم تعلق الإحرام بيدها تعلقه بوجهها؛ لأن واحداً منهما ليس بعورة، وإنما جاز الستر بالكُمَّيْنِ للضرورة، فعلى هذا تَجِب الفدية في صُورَةِ الخِرْقَة.
والثاني: أن المُحَرَّم كون القفازين ملبوسين معمولين لِمَا لبس بعورة من الأعضاء فَأُلْحِقَا بالخفين في حَقِّ الرجل، فعلى هذا لا فدية في الخِرْقة، وهذا أصَحُّ القولين، وإذا أوجبنا الفِدْيَةَ تعليلاً بالمعنى الأول فهل تجب الفدية بمجرد الحِنَّاءِ؟ فيه ما سبق في الرجل إذا أخضب رأسه بالحِنَّاء، ولو اتخذ الرجل لساعده أو لعضو أخر شيئاً مخيطاً أو لِلِحْيَتِهِ خريطة يعلقها إذا اختضب فهل تلتحق بالقفازين؟ فيه تردد عن الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ.
الأصح: الالتحاق، وبه أجاب كثيرون، ووجه المنع أن المقصود الاجتناب عن الملابس المعتادة وهذا لَيْسَ بِمُعْتَادٍ.
قال الرافعي: استعمال الطِّيب من جملة مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ؛ لما روي عن ابْنِ عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: في المحرم: "لاَ يَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ شَيْئاً فِيهِ زَعْفَرَانُ وَلاَ وَرَسٌ"(١).
ويتعلق به الفدية كسائر المحظورات، وقد ضبط في الكتاب مناط الفدية فقال:(وتجب الفدية باستعمال الطيب قَصْداً) وهذا الضابط يتركب عن ثلاثة أمور: الطيب، والاستعمال، والقَصْد.
أما الطيب، فالمعتبر فيه أن يكون معظم الغرض منه التطيب واتخاذ الطِّيب منه، أو يظهر فيه هذا الغرض فالمسك، والعود، والعنبر، والكافور، والصندل، طيب لا مَحَالة، ثم ما له رَائِحَة طيبة من نَبَاتِ الأَرْضِ أنواع: