السريَتَيْنِ هاهنا أيضاً، وأشار في "الشامل" إلَى خلافٍ في التشريكِ هناك أَيْضاً، ثم ذكر القاضِي ابن كج والإمام -رحمهما الله تعالى-: أنَّ شرط الشركةِ أن يكُونُوا بالقُرْب مترصِّدين للنُّصْرة، وحَدُّ القربِ أن يبلغَهُمُ الغوث والمَدَدُ منْهم، إنْ احتاجوا، وعلَى ذلك جَرَى في الكتاب، ولم يتعرَّض أكثرهم لذلِكَ، واكتفوا باجتماعهم في دار الحرب (١) وهكذا حكاه صاحب الكِتاب عن القَفَّال، واستبعده، فعلى الأول؛ ولو كانت إِحداهما قريبةً، والأخرَى بعيدةً، اختصَّت القريبةُ بالمشاركة.
" فَرْعٌ":
بعث الإمامُ جاسوساً، فَغَنِمَ الجَيْشُ قبل رجوعه:
فأحد الوجهَيْنِ: أنه لا يشاركهم؛ لأنَّه لم يشْهَدِ الوقعة.
وأشبَهُهُمَا: وبه قال الدَّارِكِيَّ -رحمه الله- أنه يشاركهم؛ لأنه فارقهُمْ؛ لمصلحتِهِم، وخاطَرَ بما هو أعظَمُ من شهود الوَقْعَةِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: مقصودُ المسأَلَةِ الكلامُ في صُوَرٍ:
إحداها: إذا شَهِدَ الأجيرُ مع المستأْجِرِ الوقْعَة، نُظِر: إنْ كانتِ الإجارةُ لعَمَلٍ في الذمَّة من غير تعِيينِ مدَّةٍ؛ كخياطة ثَوْبٍ، وبناءِ حائِطٍ، فخرج، وشَهِدَ الوقعةَ، فله السَّهْمُ بِلاَ خلاَفٍ، والعمل المستأجر علَيْهِ دَيْنٌ في ذمته، وإن تعلَّقت الإجارة بمدة معيَّنةٍ، كما إذا استأْجَرَ لسياسَةِ الدوابِّ، وحفْظِ الأمتعة شَهْراً، وخرج به، نَقَلَ جماعةٌ منهم المصنِّفُ، وصاحب "التهذيب" أَيْضاً؛ أنه إنْ لم يقاتِلْ، لم يستحقَّ السَّهْم، وإنْ قاتَلَ، فثلاثة أقوال، وأطلَقَ المسعودِيُّ وآخرون الأقوال من غير فصل بين أن يقاتل أو لا يقاتل، وكذلك أطلقها الشافعيُّ -رضي الله عنه- في "المختصر".
(١) قال النووي: هذا المنقول عن الأكثرين، هو الأصح أو الصحيح.