سفينتهما الأنْفُسَ والأموالَ، وهما، والحالةُ هذه، شريكانِ إذا حَصَل الاصطدامُ بفعلهما، وهذا هو الذي قصده، وإن أطلق اللفظ، فإن حصل بغلبة الريحِ، ففيه الخلاف.
" فَرْعٌ"
إذا خرق سفينةً، فغرق ما فيها من نفسٍ ومالٍ، وجب ضمانه، ثم إن تعمَّد الخرق بما يفضي إلى الهلاك غالباً؛ كالخرق الواسع الذي لا مَدْفَع له، تعلَّق به القصاصُ والدِّيَة المغلَّظة في ماله، وإن تعمَّده بما لا يحصل به الهلاك غالباً، فهو شبه عَمْدٍ، وكذا لو قصد إصلاح السفينة، فنفذت الآلة في موضِع الإِصْلاح، وحصل الغَرَق، وإنْ أصابت الآلةُ غيرَ موضع الإِصلاح، أو سقط من يده حجر أو غيره، وانتقبت السفينة، فهو خطأ محض.
" فَرْعٌ"
لو كانتِ السفينةُ مثْقَلَةً بتسعةٍ أعدال، فجاء آخر، ووضع فيها عِدْلاً آخر متعدِياً، فَغَرِقَتْ، فهل يَضْمَنُ الأعدالَ التسعة؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم؛ لأن الهلاك ترتَّب على فعله.
والثاني: لا يَضْمَن كلَّ الضمان؛ لأنَّ الغَرَقَ حصَلَ بثقَلِ الجميع، لا بما فعله.
والوجهانِ على ما حَكَى الإِمامُ وغيره مبنيَّان عَلَى ما إذا رمى إِلى صيد، فأبطل بعض امتناعه ولم يزمنه، ثم رمى إليه آخر، فأزمنه، ولولا رمي الأول، لما كان الثاني مزمناً، فلمن الصيد؟ فيه وجهان:
أحدهما: أنَّه للثاني؛ لحصول الزمانة عَقِيبَ فعله، فعلى هذا يجبُ على واضعِ العدل كل الضمان.
والثاني: أنَّه لهما؛ لأنَّ الزمانة حصَلَتْ بفعلهما معاً، قال الإِمام: وهذا هو الأقيس، والأصَحُّ، وعلى هذا فلا يجبُ كلُّ الضمان عليه، وكمْ يجب؟ فيه وجهان (١):
أحدهما: نصْفُ الضمان.
والثاني: يوزَّع الضمانُ عَلَى جميع الأعدال، ويجب حصَّة ما وضعه عليه، وهذا كالخلافِ فيما إذا زاد الجِلاَّدِ على الحد المشروع، وهلك المحدودُ، ولذلك نظائر متقدِّمة ومتأخِّرة.
(١) لم يصرح الشيخ بترجيح شيء من الوجهين لكن يؤخذ الترجيح من قوله وهو كالخلاف في الجلاد إذا زاد على الحد المشروع والأصح في الجلاد التوزيع بالقسط.