للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقول: إن أكلتُ، فلله عليَّ كذا، والتبرر بالنفّي؛ بأن يقول: إن لم اكُلُ كذا، فعليَّ صومٌ، يريد؛ إن أعانني الله على كَسْرِ شهوتي، فتركته، وهذا واللجاج؛ بأن يمنع من الأكل؛ فيقول: إن لم آكُلْ، فللَّهِ عليَّ كذا، وفي "الوسيط" أن من الأصحاب -رحمهم الله- من منع التبرُّر في المباحات، لماذا قال: إن رأيتُ فلانًا، فلله عليَّ صوم أو حجٌّ، فإن أراد؛ إن رزقني الله رؤيته، فهو نذْر تبرُّر وإن ذَكَرَهُ لكراهته رؤيته، فهو نذْر لجاج.

فرعان:

الأول: لا فرق في جميع ذلك بين أن يقول: فعلَّيَّ كذا، وبين أن يقول: فلله عليَّ، وفي وجه: إذا لم يذكر الله، لم يلزمه شيء.

والثاني: لو قال: أيمان البيعة لازمةٌ لي، فقد ذكر الأصحاب -رحمهم الله- أن البيعة في زمان رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- كانتْ بالمصافحةِ، فلما وُلِّيَ الحجاجُ، رتَّبها على أيمان تشتمل على ذكْر اسمِ الله تعالَى، وعلى الطلاق والعَتَاق والحَجِّ وصدقةِ المال، فإن لم يرد القائل الأيمان التي رتَّبها الحجَّاجُ، لم يلزمه شيء، وإن أرادها، نُظر؛ إن قال: فطلاقها وعتاقها، انعقدت يمينه بهما, ولا حاجة إلى النية، وإن لم يصرح بذكرهما ونواهما، فكذلك؛ لأنهما ينعقدان بالكناية مع النية، ولا تنعقد اليمين بالله تعالَى على ما بيَّنَّا نظائره.

البَابُ الثَّانِي فِي الكَفَّارَةِ

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَالنَّظَرُ فِي السَّبَبِ وَالكَيْفِيَّةِ وَالمُلْتَزَمِ، أَمَا السَّبَبُ فَهُوَ اليَمِينُ (ح) وَلَكِنْ يُوجَبُ عِنْدَ الحِنْثِ، وَفَائِدَتَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا (ح) بَعْدَ اليَمِينَ عَلَى الحِنْثِ إِلاَّ إِذَا كَانَتِ الكَفَّارَةُ صَوْمًا أَوْ كَانَ الحِنْثُ مَحْظُورًا فَفِيهِمَا وَجْهَانِ، وَيَجُوزُ كَفَّارَةُ القَتْلَ بَيْنَ الجَرْحِ وَالمَوْتِ، وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ بَيْنَ الظِّهَارِ وَالعَوْدِ، وَالْحَنِثُ لاَ يَحْرُمُ بِاليَمِينِ لَكِنَّ الأوْلَى أَلاَّ يَحْنَثَ إلاَّ أَنْ يَكُونَ الخَيْرُ فِي الحِنْثِ، وَقِيْلَ: الأولَىَ أن يَحْنَثَ، وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: النظر في الكفَّارة في ثلاثَة أمورٍ، في سبب وجوبِها، وفي كيفيتِهَا في نَفْسها، وفيمن تَلْزَمُه.

أما الأول، فقد نقل جماعة من الأصحاب، منْهم القاضي الرويانيُّ وجهين في أن سبب الكفارة (١) ماذا؟ أحدهما: أن سبَبها اليمينُ، إلا أنها توجَبُ عند الحنث، كما


(١) دليل مشروعيتها: الكتاب. والسنّة. والإِجماع.
أما الكتاب: فقول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>