للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (والوتر ركعة) بالحاء والميم؛ لما سيأتي -والله أعلم-.

قال الغزالي: أَمَّا الوَتْرُ فَسُنَّةٌ (ح) وَعَدَدُهُ مِنَ الوَاحِدَةِ إِلَى إِحْدَى عَشْرَةَ بِالأَوْتَارِ، وَفِي جوَازِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ تَرَدُّدٌ (١) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَل، وَإِذَا زَادَ عَلَى الوَاحِدَةِ فَيَتَشَهَّدُ تَشَهُّدَينِ فِي الأَخِيرَتَيْنِ عَلَى وَجْهٍ، وَتَشَهُّدًا وَاحِداً فِي الأَخِيرَةِ عَلَى الوَجْهِ الثَّانِي، وَهُمَا مَنْقُولاَنِ، وَالْكَلاَمُ فِي الْأُولَى، وَالأَظْهَرُ أَنَّ ثَلاَثةً مَفْصُولَةَ أَفْضَلُ مِنَ ثَلاَثةٍ مَوْصُولَةٍ، وَأَنَّ الثَّلاَثةَ المَوْصُولَةَ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَةٍ فَرْدَةٍ.

[القول في أحكام الوتر]

قال الرافعي: قد سبق من نظم الكتاب ما يعرف كون الوتر سنة، وهو إدراجه في الرواتب، وعد الرواتب بأسرها من صلاة التطوع، والغرض من التنصيص على كونه سنة هاهنا التدريج إلى بيان أحكامه، والتعرض لمذهب أبي حنيفة حيث قال: وهو واجب.

قال الكرجي: وروي عنه أنه فرض. لنا ما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الوَتْرُ حَقٌّ مَسْنُونٌ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلاَثٍ فَلْيَفْعَل" (٢) وروي أنه قال: "حَقٌّ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ" (٣).

ثم في الفصل ثلاث مسائل:

إحداها: يجوز أن يوتر بواحدة، وثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، أما الواحدة والثلاث والخمس؛ فلما روي عن أبي أيوب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أنْ يُوتِرَ بثَلاَثٍ فَلْيَفعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفعَلْ" (٤) وأما السبع؛ فلما روي عن أبي أمامة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَ يُؤترُ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ" (٥).

وأما التسع والإحدى عشرة؛ فلما روي عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أوْتِرُوا بِخَمْسٍ، أَوْ سَبْعٍ، أَوْ تِسْعٍ، أَوْ إِحْدَى عَشْرَةَ" (٦).


(١) في أوجهان.
(٢) أخرجه أبو داود (١٤٢٢) والنسائي (٣/ ٢٣٨) وابن ماجة (١١٩٠) وابن حبان ذكره الهيثمي في الموارد (٦٧٠) والحاكم (١/ ٣٠٢ - ٣٠٣) والدارقطني (٢/ ٢٢ - ٢٣).
(٣) انظر التخريج السابق.
(٤) أخرجه أحمد (٥/ ٢٥٥) والطبراني في الكبير (٨٠٦٤، ٨٠٦٥، ٨٠٦٦) وانظر الخلاصة (١/ ١٧٥).
(٥) تقدم.
(٦) أخرجه الدارقطني (٢/ ٢٤ - ٢٥) والحاكم (١/ ٣٠٤) وقال صحيح على شرط الشيخين، والبيهقي (٣/ ٣١) وقال الدارقطني رجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>