للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهان: أحدهما، وهو المنصوص في "المختصر": أنه لا يجوز؛ لأنه لا يوقف على أقصاه كما في الأَجْوَد.

وأصحهما: الجواز؛ لأنه إذا أتى برديء لم يطالبه المسلم بما هو أردأ منه، وإنْ طالبه به فكان معانداً فيمنع منه، ويجبر على قبوله.

ولك أن تُعَلّم قوله في الكتاب: (وإن شرط الجودة لم يجز) بالواو؛ لأن في تعليق الشيخ أبي حامد أن من أصحابنا من خرج قولاً أنه جائز، وكذلك قوله: (فكذلك لا يجوز) لما قدمناه والله أعلم.

الثانية: صفات المسلم فيه المذكورة في العقد تنقسم إلى مشهورة عِنْدَ النَّاس وإلى غير مشهورة، وذلك قد يكون لدقة معرفتها كما في الأدوية والعقاقير، وقد يكون لغرابة الألفاظ المستعملة فيها، فلا بد من معرفة المتعاقدين بها، فلو جهلاها أو أحدهما لم يصح العقد، وهل يكفي معرفتها؟ فيه وجهان:

أظهرهما: لا، وهو المنصوص، بل لا بد من أن يعرفها غيرهما ليرجع إليه عند تنازعهما.

والثاني: أنه يكفي معرفتهما، والنَّص محمول على الاحتياط، فإن قلنا بالأول فهذا شرط آخر للسَّلَم، وهل تعتبر فيها الاستفاضة أم يكفي معرفة عَدْلين سواهما؟ فيه وجهان:

أظهرهما: الثَّاني.

ويجري الوجهان فيما إذا لم يعرف المِكْيال إلاَّ عدلان.

واعلم أن جميع ما ذكرناه الآن من معرفة المتعاقدين وغيرهما يخالف ما قدمنا في مسألة فُصْح النَّصَارى من بعض الوجوه، ولعل الفرق أن الجهالة هناك راجعة إلى الأجل، وهاهنا راجعة إلى المعقود عليه فجاز أن يحتمل من نيل الجهالة ما لا يحتمل من هذه، والله تعالى أعلم.

البَابُ الثَّانِي فِي أَدَاءِ المُسَلَّمِ فِيهِ وَالقَرْضِ

قال الغزالي: أَمَّا المُسَلّمُ فِيهِ فَالنَّظَرُ فِي صِفَتِهِ وَزَمَانِهِ وَمَكَانِهِ (أَمَّا صِفَتُهُ) فَإِنْ أَتَى بِغَيْرِ جِنسِهِ لَمْ يُقْبَلْ لأَنَّهُ اعْتِبَاضٌ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزِ في المُسَلَّمِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَلَكِنَّهُ أَجْوَدُ وَجَبَ قَبُولُهُ، وَإِنْ كَانَ أَرْدَأَ مِنْهُ جَازَ قَبُولُهُ وَلَمْ يَجِبْ، وَإن أَتَى بِنَوْعٍ آخَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>