(٢) قال الشيخ البلقيني في التصحيح: قوله في الصريح "أعتقتك بعد موتي" ممنوع لوجهين: أحدهما: أن قوله أعتقتك فعل ماض، والأفعال الماضية لا تكون من أفعال الشرط، وما نزل منزلة الجواب لا يكون إلا وعداً، ولا يكون جواباً لازماً، وقد نص الشَّافعي -رضي الله عنه- في الأم ما يقتضي ذلك ولو قال إن أعطيتني ألف درهم طلقتك فاعطته ألف درهم، لم يلزمه أن يطلقها، ويلزمه أن يرد الألف عليها، وهذا وعد لإيجاب طلاق، وكذلك إن قال إن أعطيتني ألف درهم طلقتك، ولا يلزمه طلاق بما أعطته حتى يقول إذا أعطيتني ألف درهم فأنت طالق فتعطيه ألف درهم في وقت الخيار، هذا نصه، وهذا قاض بما قررناه من أن قول مالك العبد إن سأعتقك إن مت لا يلزم واحد منهما، ولا يلزم تدبير حتى يقول: إذا من فأنت حر، أو أنت حر إذا من، وأما قوله: "أنت حر بعد موتي" فإنَّه ينعقد به التدبير كما ينعقد التعليق فيما لو قال: أنت طالق بعد مضي يوم ونحو ذلك، وأما قوله: "طلقتك بعد يوم" فلا يلزم؛ لأنه ينحل إلى قول إذا مضى يوم طلقتك، وهو غير لازم كما قررناه.
الوجه الثاني: أن قوله: "أعتقتك بعد موتي" كلام محال فلا يعتق عبده بعد الموت، فإن قيل: يملكه بالتعليق بأن يقول إذا من فأنت حر، قلنا: الذي صدر بعد الموت لا الإِعتاق، والإِعتاق إنما يحصل بالتعليق، ووجود الصفة، فإن قيل: إذا أوصى بإعتاق عبده بعد موته فإن الموصي إليه بعتقه بعد الموت قلنا: إعتاق الوصي بعد الموت بعبارة ينشئها بالاِعتاق، والعتق الموصي لا الميت، ولو كان قوله أعتقتك بعد موتي على معنى أوحيت بإعتاقك بعد موتي لكان ينبغي أن يكون وصية قطعاً والمصحح عندي أنه تعليق عتق نصفه وظهر من ذلك أن قول المالك لعبده أعتقتك بعد موتي لا ينعقد به تدبير ولا وصية بإعتاقه وهذه الصيغة ذكرها المصنف وذكر معها حررتك بعد موتي، وهما في الرد سواء، واتبع الرافعي في هذا البغوي فإنه ذكر في التهذيب ذلك ولم أر ذلك في غير تهذيب البغوي. (٣) قال في الخادم: نقل الرافعي في باب الكتابة عن الشيخ أبي حامد أن أبا إسحاق قال لو كان الرجل حديث عهد بالإِسلام أو جاهلاً بالأحكام لا يعرف التدبير لا ينعقد بمجرد لفظ التدبير حتى ينضم إليه نية أو زيادة لفظ وهذا الظاهر أنه طريقة أخرى لصورة المسألة، فإن الماوردي قال إذا كان التدبير صريحاً ثبت حكمه في كل من تلفظ به في عبده سواء عرف حكمه أم لا كصريح العتق والطلاق، ثم حكى مقاله أبي إسحاق قال وهو غلط؛ لأن صريح الطلاق وكنايته يستوي فيه =