للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأى الاسترداد فيها أظهر، وذكر في "التهذيب" الخلافَ فيه، ولم يذكره في صورة بقاء المال في يد المكاتب، كأنه رأى الاسترداد في تلك الصورة أظهر، ولكلٍّ وجه؛

فوجه ما يقتضيه الكتاب: أنه إذا لم يحصل العتقُ، لم يستحق العبد ولا السيد المأخوذَ؛ إذ لا تحل لهما الزكاة.

ووجه ما يقتضيه "التَّهْذِيب": أنَّ المكاتِبَ صرف الزكاةَ هاهنا إلى من أمر بصرفه إليه، وفي تلك الصورة بخلافه.

[فرع]

للمكاتب أنْ يتجر بما أخذه طلباً للزيادة، وإيفاء تمام النجوم، كذا حكاه صاحب "الإِفْصَاح" وآخرون، والغارم كالمكاتب.

آخَرُ: نقل بعض أصحاب الإمام أنَّ المكاتب يتخير، إن شاء، استنفق ما أخذه، وأدى النجوم من كسبه، ويجب أن يكون الغارم كالمكاتب (١).

قَالَ الْغَزَالِيُّ: السَّادِس: الغَارِمُ وَالدَّيُونُ ثَلاَثةُ: دَيْنٌ لَزِمَهُ بِسَبَبِ نَفْسِهِ فَيَقْضَى مِنَ الصَّدَقَاتِ بِشَرْطِ أن يَكُونَ مَعْسِراً (و) وسَبَبُ الاَسْتِقْرَاضُ مُبَاحاً، فَإِنْ كَانَ مَعْصِيَةَ وَهُوَ مُصِرُّ لاَ يُعْطَى، وَإِنْ كَانَ تَائِبَاً أُعْطِيَ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ (الثَّانِي): مَا لَزِمَ بِسَبَبِ حَمَّالَةِ تَبَرُّعِ بِهَا تَطِفئَتهُ لَنَائِرَةِ فِتْنَة فَيُقْضَى دَيْنُهُ وَإِنْ كَانَ مُوسِرَاً (ح) إِلاَّ إِذَا كَانَ غَنِيّاً بِالنَّقْدِ فَفِيهِ وَجْهَانِ (الثَّالِثُ) دَيْنُ الضَّامِنِ فَإِنْ كَانَا مُعْسِرَينِ أَعْنِي الأَصِيلَ وَالكَفِيلَ قُضِيَ، وَإِنْ كَانَا موسِرَينِ أَوْ كَانَ المِضْمُونُ مُوسِراً فلاَ يُقْضَى لأَنَّ فَائِدَتَهُ تَرْجِعُ إلى الأَصِيلِ، وَإِنْ كَانَ الأَصِيلُ مُعْسِراً وَالكَفِيلُ موسِراً فَوَجْهَانِ: (أَحَدَهُمَا): نَعَمْ كَالحَمَّالَةِ (وَالثَّانِي): لاَ إِذْ صَرْفُهُ إلى الأَصِيلِ مُمْكِنٌ، وَبِهِ يَحْصُلُ بَرَاءَةُ الضَّامِنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الصنف السادس: الغارِمُونَ، والديون ثلاثة؛ لأنه: إما أنْ يستدين لمصلحة نفسه، أو لمصلحة غيره، ومصلحة الغير: إما كُلِّية؛ كما إذا استدان تَطْفِئَةً لثائرة فتنة، أو جُزْئِيَّة؛ كما إذا اسْتَدان دَيْناً عن غيره.

الأول: دَيْن لزمه لمصلحة نفسه، فيعطى من الزكاة ما يقضي به؛ بشروط:

أحدها: أنْ يكون به حاجة إلى قضاء ذلك الدين، فإنْ وجد ما يقضيه به؛ من نقد


(١) قال النووي: قد قطع صاحب "الشامل" بأن المكاتب يمنع من إنفاق ما أخذ. ونقله صاحب "البيان" عنه. ولم يذكره غيره، وهذا أقيس من قول الإمام. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>