للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيحلف المالك على الأصح، ويأخذ القيمة إن تلف المالك، وأجرة المثل إن مضت مدة لمثلها أجرة (١).

المسألة الثالثة: قال راكب الدابة، أكريتنيها، وقال المالك: بل أعرتكها، فإن اختلفا والدابة باقية، فالمصدق المالك في نفي الإجارة؛ لأن الراكب يدعي استحقاق المنفعة عليه، والأصل عدمه، فهذا حلف استردها، فإن نكل حلف الراكب، واستحق الإمساك، ثم إن كان قد مضى مدة لمثلها أجرة، فالراكب يقر له بالأجرة، والمالك ينكرها, ولا يخفى حكمه، وإن كان الاختلاف بعد هلاك الدابة، فإن هلكت عقيب القبض، فالمذهب أن المالك يحلف، ويأخذ القيمة؛ لأن الراكب أتلف عليه ماله، ويدعي أنه أباحه له، والأصل عدمه، وخرج قول مما مر في المسألة الأولى أن المصدق الراكب؛ لأن الأصل براءة ذمته، وإن هلكت مدة لمثلها أجرة؛ فالمالك يدعي القيمة، وينكر الأجرة، والراكب يقر بالأجرة، وينكر القيمة.

فإن قلنا: اختلاف الجهة يمنع الأخذ حلف، وأخذ القيمة، ولا عبرة بإقرار الراكب. وإن قلنا لا يمنع، وهو الأصح، فإن كانت القيمة والأجرة سواء، أو كانت القيمة أقل أخذها بلا يمين، وإن كانت القيمة أكثر أخذ الزيادة باليمن.

[فرع]

إذا استعمل المستعير العارية بعد رجوع المعير، وهو جاهل بالرجوع لم تلزمه الأجرة ذكره القَفَّال (٢).


(١) قال في الخادم: هذا الذي رجحه تبع فيه البغوي وكلامه في باب الإقرار يخالفه حيث قال: لو قال: أخذت منه ألفًا وعشرها بالوديعة وقال المقر له: بل غصبتها منى أن القول قول المقر على الأصح خلافاً للقفال. هذا كلام المصنف -رحمه الله- هناك ولا يجتمع مع المذكور هنا، ويوافق المذكور هناك قول الهروى في "الاشراق" أصل آخر من ادعى عقداً لا يقبل قوله دون النية بخلاف ما إذا قال المالك: غصبني هذا الثوب، فقال القابض: بل أعرتنيه، فالقول قول القابض مع يمينه.
(٢) مثل هذا مشكل مخالف للقواعد، فإن التضمين لا يختلف بالجهل وعدمه كما يجب الضمان بفعل الساهي، وأجاب الزركشي بأن ذلك عند عدم تسليط المالك وما هنا قد جرى منه التسليط والأصل استمراره وهو المقصر بترك الأعلام نعم جزم به الرافعي من ذكر خلاف وحكايته عن القفال وحده لا معنى له، فإن الخلاف فيما إذا أباح منافع بستانه أو داره ثم رجع ولم يعلم المستنتج وانتفع، فهل الاعتبار من حالة الرجوع أو من حالة العلم حتى لا يلزمه أجرة تلك المدة، طرق ذكرها في باب القسم والنشور، ولا شك أن الخلاف في الإباحة والعارية واحد كما صرح به الجبلي وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>