والثالِثُ: أنه يضحِّي بالثانِي؛ لانتقَالِ الوُجُوبِ إليه، لانْفِكَاكِ الأول.
والرَّابعُ: أنه لا يَعْدِلُ عنهما لتعَيُّنِهِمَا ويتخيَّرُ فيهما، والتعبِيرُ عن هذا الخلافِ بالأقْوَالِ لا يكادُ يُوجَدُ إلاَّ لصاحب الكِتَابِ في هذا الكتاب، ولم أَرَ نَقْلَ الوجوهِ مَجْمُوعةً إلاَّ للإمام.
فَرْعٌ: لو عيَّن واحدةً عن أُضْحيةٍ في ذمَّته، وقلْنا: إنها تَتَعيَّنُ ثم ضحى بأُخْرَى عما في ذِمّته. قال الإمامُ: يخرَّجُ على أن المعِيبةَ لو تلِفَتْ هل تبرأ ذِمَّتُه؟
إن قلنا: نَعَمْ، لم تقعَ الثانيةُ عَمَّا عليه، وكان كما إذا قال: جعلتُ هذه الشاةَ ضحيةً ثم ذبح أُخْرَى بدلاً عنها.
وإنْ قُلْنَا: لاَ -وهو الصحيحُ- ففِي وقوع الثانية عَمَّا عليه تردُّدٌ، فإن قُلْنا: تقعُ عنه، فهل تنفكُّ الأَوْلَى عن الاستحقَاقِ؟ فيه الخلَافُ السابِقُ.
ولو عيَّن مَنْ عليه كفارةٌ عَبْداً عما عليه ففي تَعْيِينه خلاف. والذي أجاب به الشيخُ أَبُو حَامدٍ أنه يتعيَّنُ (١). وإن تعيَّبَ المُعيَّن فعليه إعتاق عَبْدٍ سَلِيمٍ، ولو مات بقِيَتْ ذمَّتُه مشغولةً بالكفارة عما كانت، وإن أَعْتق عَبْداً آخر عن كفَّارته مع التمكُّنِ من إعتاق المعيَّنِ، فالظاهِرُ أن ذمتَهُ تبرأُ.
وفرْقٌ بين ما نحن فِيه، وبيْنَ الكفارةِ: بأن النَّاذِرَ وإنْ كان مُلْتزِماً، فهو متبرَّعٌ بالالتِزَام، فإنْ قَبِلَ النقْلَ إلى عيْن، كان له، وجهٌ على بُعدٍ، والكفارةُ الواجِبة شَرْعاً لا تَحْتَمِلُ ذلك.