للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المملوك. ثم لَهُمْ قِسْمةُ المَاءِ؛ بأنْ يُنصب خشبةً مُسْتَوِيةً الأعْلَى والأسْفَلِ في عرض النهر، ويفتح فيها ثُقَبٌ متساوية، أو متفاوتةٌ عَلَى قدر حقوقهم، ويجوز أن تكونَ الثُّقَبُ متساوِيةً مع تَفَاوُتِ الحقوق، إلاَّ أنَّ صاحِبَ الثُّلُثِ يَأخُذَ ثقبة، والآخر ثقبتين ويَسوقُ كُلُّ واحدٍ نصيبه في ساقيةٍ إلَى أرضِه، وله أنْ يديرَ رَحىً بما صارَ لَهُ، ولا يَشقُّ وَاحِدٌ منهم ساقيةً قبل المقسم، ولا ينصب عليه رحىً، وإِن اقْتَسَمُوا بالمُهَايأْةِ، جاز أيضاً، وقد يكونُ المَاءُ قليلاً لا يُنْتَفَعُ به إلاَّ كَذَلِك، ولكلِّ واحدٍ منْهم الرُّجُوعُ كما قَدَّمنا في النَّهْرِ، هذا هو الظَّاهر ووراءه وجهان:

أَحَدُهُما: عن القاضي الحُسَيْن: أنَّ القِسْمَةَ بالمُهَايَأْةِ لا تصِحُّ أَصْلاً؛ لأنَّ الماءَ يزيدُ وَينْقُصُ، وفائدةُ السَّقِيِ تختلفُ باختلاف الأَيَّام (١).

والثاني: أنَّها تَلْزمُ؛ ليثِقَ كلُّ واحدٍ منْهم بالانتفاع.

[فرع]

الَّذينَ يسْقُون أَرَاضِيهِمْ من الأوْدَيَةِ المتاحة لو تواضَعُوا عَلَى مُهَايأة، وجعَلُوا للأوَّلين أيَّاماً، وللآخَرِين أيَّاماً عَلَى ما يعتاد في أودِيَة "قَزْوين" فهذا أيضاً من الأوَّلين بتقدُّم الآخرين، ومسامحة غيرُ لازمةٍ، ولها شَبَهٌ بأصول، منها: "هبةُ الضِّرَّة نوبتها من الضَّرَّة، والظاهر أنَّ مَنْ رجَعَ من الأوَّلين مُكِّن من سقْي أرْضِه.

ونختم البابَ والكلامَ في بَيْع الماء.

أمَّا المُحْرَزُ منْه في الإناء، فَبَيْعُهُ صحيحٌ، وفيه الوَجْهُ الضَّعِيفُ الَّذي تقدَّم، وكذا لو أُحْرِزَ في حَوْضٍ، وليكنْ عُمْقُه معْلُوماً، ولا يجوزُ بَيْعُ مَاءِ البِئْرِ والقناةِ فيهما، أمَّا إذا جَعَلْنَاهُ مملوكاً، فلِكَوْنه مجْهُولاً، وأيضاً، فإنَّه يزيدُ شَيئاً شيئاً، ويختلِطُ المبيعُ بغَيْر المبيع، فلا يمكنُ التَّسْليم، وأمَّا إذَا لم يجْعَلْهُ مملوكاً، فللمعاني الثلاثة ولو باع منه آصعاً، فإن كان جارياً كماء القَنَاةِ، لم يجز إذ لا يمكن ضبط (٢) العقْد بمقدار معلوم؛ لعَدَم وقوفه، وإنْ لم يكنْ جَارِياً كماء البئر، فكذلك المبيع إن قلنا: إنَّه، غيرُ مَمْلُوكٍ، وإن جعلْناه مملوكاً، فعن القَفَّال: أنَّه لا يجوزُ أيْضًا؛ لأنَّه يزيدُ فيختلطُ المَبِيعُ بغير المَبِيع (٣).

قال صاحبُ "التَّهْذِيب": والأصَحُّ الجَوَازُ، كما لو بَاعَ صَاعاً من صُبْرَةٍ، واعتذر


(١) قال النووي: لو أراد أحدهم أن يأخذ نصيبه من الماء ويسقي به أرضاً ليس لها رسم شرب من هذا النهر، منع منه لأنه يجعل شرباً لم يكن.
(٢) في ب: ربط وكذا عبارة الروضة.
(٣) سقط في: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>