نوافل: تسن فيها الجماعة، ونوافل: لا تسن فيها الجماعة.
والتي تسن فيها الجماعة أفضل؛ لأن استحباب الجماعة فيها وتشبيهها فيه بالفرائض يدل على تأكد أمرها، وصلاة العيدين والكسوفين والاستسقاء كلها من هذا القسم، وأفضلها صلاة العيدين؛ لأن لها وقتاً زمانياً كالفرائض وتليها صلاة الكسوفين؛ لأنه يخاف فوتهما كما يخاف فوت المؤقتات بالزمان؛ ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- "رُبَّمَا اسْتَسْقَى وَرُبَّمَا تَرَكَ، وَلَمْ يَتْرِكِ الصَّلاَةَ عِنْدَ الخُسُوفِ بِحَالِ"(١).
ثم كلام الأئمة يشعر بحصر ما تسن فيه الجماعة في هذه الصلوات الخمس، وربما صرحوا بذلك، ولفظ الكتاب وهو قوله:(كالعيدين والكسوفين) لا يوجب الحصر، وإنما يفيد التمثيل، وهذا أولى؛ لأن التراويح خارجة عن الخمس، والجماعة مستحبة فيها على الأصح، كما سيأتي ولك أن تبحث هاهنا، فنقول: لفظ الكتاب يقتضي أن تكون التراويح أفضل من الرَّوَاتِبِ؛ لأن الجماعة مَشْرُوعَة في التراويح، وقد حكم بأن ما شرع فيه الجماعة أفضل، فهل هو كذلك؟ أما لا؟
والجواب: أن إمام الحرمين قال: من أئمتنا من سبب تفضيلها على الرواتب إذا قلنا باستحباب الجماعة فيها؛ لأن الجماعة أقوى معتبر في التفضيل، قال: والأصح أن الرواتب أفضل منها، وإن شرعنا فيها الجماعة، وهذا هو الذي ذكره في "العدة" ووجهه بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- "لم يداوم على التراويح، وداوم على السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ"، وعلى هذا، فالقول بأن ما شرع فيه الجماعة أفضل غير مجرى على إطلاقه، بل صلاة التراويح مستثناة منه.
وأما القسم الثاني: وهو ما لا تشرع فيه الجماعة، فينقسم إلى ما يتعلق بوقت أو فعل، وإلى التطوع المطلق.
والأول أنواع:
منها الرواتب، كما عددناها، ومنها: صلاة الضحى: عن أبي الدَّرْدَاء قال: "أَوْصَانِي خَلِيلِي -صلى الله عليه وسلم- بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعَهُنَّ بِشَيءٍ، أَوْصَانِي بِصِيَامٍ ثَلاثةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَلاَ