للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبر بعد القراءة، ثم قنت، وبه قال أَبُو حَنِيفَةَ، وقال في "التتمة": إذا قلنا يقنت قبل الركوع، يبتدئ به بعد الفراغ من القراءة من غير تكبير، وبه قالَ مَالِكٌ.

والقنوت: هو الدعاء الذي ذكرناه عن رواية الحسن بن علي -رضي الله عنهما- في "باب صفة الصلاة" واستحب الأئمة، منهم صاحب "التلخيص" أن يضيف إليه ما روي عن عمر -رضي الله عنه- أنه قنت به وهو: "اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغفِرُكَ، وَنسْتَهْدِيكَ وَنُؤْمِنُ بِكَ، وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ، وَنُثْنِي عَلَيْكَ الْخَيْرَ كُلَّه، نَشْكُرُكَ وَلاَ نَكْفُرُكَ، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُركَ اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُد، وإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفَدُ، نَرْجُوا رَحْمَتَكَ، وَنَخْشَى عَذَابَكً، إِنَّ عَذَابَكَ الْجَدُّ بالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ" ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ اهْدِنَا" إلى آخره، هكذا ذكره القاضي الروياني، وعليه العمل، ونقل في "البيان" عن القاضي أبو الطيب أنه قال: كان شيوخنا يدعون بقنوت عمر -رضي الله عنه- بعد الكلمات التي رواها الحسن -رضي الله عنه-، فعكس الترتيب وزاد هو وغيره في المنقول عن عمر -رضي الله عنه- "اللَّهُمَّ عَذِّبْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَاب، الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبيلِكَ، وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَاصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وألِّفْ بَيْنَ قلُوبِهِمْ، وَاجْعَلْ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَان وَالْحِكْمَةَ، وَثَبِّتْهُمْ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِكَ، وَأَوْزِعْهُمْ أَنْ يُوفُوا بِعَهْدِكَ الَّذي عَاهَدْتَهُمْ عَلَيْهِ، وَانْصُرهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ، وَعَدُوِّهِمْ إِلهَ الْحَقِّ، وَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ"، ونقل القاضي الروياني عن ابن القاص: أنه يزيد في آخر القنوت: "رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا" إلى آخر السورة واستحسنه (١) ثم حكمه في الجهر، ورفع اليدين، وغيرهما على ما سبق في الصُّبْح.

ويستحب إذا أوتر بثلاث أن يقرأ بعد الفاتحة في الركعة الأولى:: {سَبِّحْ} وفي الثانية: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثالثة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَالمُعَوِّذَتَين، رُوِي ذلِكَ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- عَنْ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- (٢) وبه قَالَ مَالِكُ.

وعن أبي حنيفة وأحمد أنه يقتصر على "الإخلاص" في الثالثة.

وقال الكرخي في "مختصره": ليس في الوتر قراءة سورة معلومة، ولكن يقرأ في الأولى بقدر: {سَبِّحْ}، وفي الثانية بقدر: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثالثة بقدر: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.

قال الغزالي: الْفَصْلُ الثَّانِي، فِي غَيْرِ الرَّوَاتِبِ وَمَا شُرِعَتِ الجَمَاعَةُ فِيهَا كالعِيدَيْنِ وَالخُسُوفَيْنِ وَالاِسْتِسْقَاءِ فَهِيَ أَفْضَلُ مِنَ الرَّوَاتِبِ وَمِنْ صَلاَةِ الضُّحَى وَرَكْعَتَي التَّحِيَّةِ


(١) ضعفه النووي في شرح المهذب لأن المشهور كراهة القراءة من غير القيام.
(٢) أخرجه أبو داود (١٤٢٤) والترمذي (٤٦٣) وابن ماجة (١١٧٣) والحاكم (١/ ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>