للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأوَّل، فظاهر، وأما على الثَّانِي، فَإنَّهُ لا كِتَابَ بأيديهم اليوم، ولا نتيقَّنه من قبل، فنحتاط، وأيضاً، قد رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بنِ عَوْفٍ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "أنه قَالَ: "سُنُّوْا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَاب، غَيْرَ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ، وَلاَ آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ" (١).

وعن أبي إسْحَاقَ وأبي عُبَيْدِ بْنِ حَرْبَوَيْه؛ أنه تحلُّ مناكحتهم على قولنا: إنه كان لهم كِتَابٌ، وهذا ضَعيفٌ عند الأصحاب، وإنما ينقدح على ضعفه، إِذا قال: من أثبت لهم كتاباً أنه كان متلواً، أو متضمناً للأحكام، وإن قنع من قال به بأصل الكتاب، لزمه مثله في صُحُف إِبْرَاهِيْمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وما في معناها.

فُرْوعٌ:

في نكاح الكتابية هي كالمسلمة في النفقة والقَسْم والطلاق وعلمة أحْكَامِ النِّكَاح، نعم لا توارُثَ بينهما، ولا تُغَسِّل الزوَج، إذَا اعتبرنا النِّيَّة، في غُسْل الميت بناءً على أنه لا يصحُّ منها النية، وإذا طهْرَتْ عن الحيض والنفاس، أَمَرَهَا الزَّوْجُ بالاغتسال، فإن امتنعت، أجبرها عليه (٢)، واستفاد الحلَّ، وإن لم يوجَدُ منها النية للضرورة، كما تجبر


= عن عيسى بن عاصم. قال الشَّافعي: وحديث علي هذا متصل وبه تأخذ، وهذا كالتوثيق منه لسعيد بن المرزبان وهو أبو سعد البقال، وقد ضعفه البخاري وغيره، وقال يحيى القطّان: لا أستحل الرواية عنه، ثم هو بعد ذلك منقطع، لأن الشَّافعي ظن أن الرواية متقنة، وأنها عن نصر ابن عاصم، وقد سمع من علي وليس كذلك، وإنما هي عن عيسى بن عاصم كما بيناه وهو لم يلق علياً ولم يسمع منه، ولا ممن دونه كابن عباس وابن عمر، نعم له شاهد يعتضد به أخرجه عبد بن حميد في تفسيره في الحسن الأشيب عن يعقوب العمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن عبد الرحمن بن أبزى قال: قال علي: كان المجوس أهل كتاب، وكانوا متمسكين به، فذكر القصة وهذا إسناد حسن، وحكى ابن عبد البرّ عن أبي عبيد أنه قال: لا أرى هذا الأثر محفوظاً، قال ابن عبد البرّ: وكثر أهل العلم يأبون ذلك، ولا يصححون هذا الحديث، والحجة لهم قوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} الآية قاله الحافظ.
(١) قال الحافظ: تقدم دون الاستثناء، لكن روى عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي [٩/ ١٩٢] من طريق الحسن بن محمد بن علي قال: كتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى مجوس هجر يعرض عليهم الإِسلام، فمن أسلم قبل، ومن أصر ضربت عليه الجزية، على أن لا تؤكل لهم ذبيحة، ولا تنكح لهم امرأة، وفي رواية عبد الرزاق: غير ناكحي نسائهم، ولا آكلي ذبائحهم، وهو مرسل، وفي إسناده قيس بن الربيع وهو ضعيف، قال البيهقي: وإجماع أكثر المسلمين عليه يؤكده.
تنبيه: تبين أن الاستثناء في حديث عبد الرحمن مدرج، ونقل الحربي الإِجماع على المنع إلا عن أبي ثور، ورده ابن حزم بأن الجواز ثبت عن سعيد بن المسيب أيضاً، وأخرج ابن أبي شيبة من طريقه جواز التسري من المجوس بإسناده صحح، وعن عطاء وطاوس وعمرو بن دينار كذلك.
(٢) أي للحليل إجبارها على ذلك إذا طهرت لتوتف حل الوطء عليه، وقضية هذا أن الحيض لا =

<<  <  ج: ص:  >  >>