ولو عرض ما لا يبطل التتابع في خلال الشهرين؛ كالحيض وأرادَتِ الحائض ترْك الصوم بعد زوال الحيض، واستئْنَافَ الشهرين بَعْد ذلك، ففيه الاحتمالان، وهذه الصورة هي التي ذَكَرها في الكتاب، وفي "الوسيط" والحُكْم فيها وفي التَّرْك من غير أن يعرض عُذْرٌ واحدٌ، ولو عَمَّمَ وقال: الحائض في صوم الشهرين لو تركَتْه من غير عذر على عَزْم أن تبتدئ شهرَيْنِ بعْده، هل له ذلك؟ فيه خلافٌ لجاز أو كان أولى، وكذلك أورد الإِمام، وصاحب الكتاب في "البسيط" ثُمَّ في المسألة كلمتان:
إحداهما: صوَّر الإِمام فيما إذا لم ينو صوْمَ الغَدِ، وقال: الإفطار في اليوم الذي شَرَع فيه، يبعد التسليط عليه؛ لِمَا فيه من إبطال العِبَادة، وصاحب الكتاب أطْلَقَ لفْظ الإفطار فقال:"ولو أفطَرَتْ على عَزْمِ أن تستأنف"، فيمكن أن يترك، ويُحْمل على ما قاله الإِمام، ويجوز أن يقال: إذا كان تَرْكَ الصوم يبطل صفة الفرضية عَمَّا سبق، ويجعله نفْلاً، فكذلك الإفطار في خِلاَل اليوم يجعله نفلاً، والنَّفْل يجوز الخروج منه. وقوله "بَعْد زوال الحيض" متعلِّق بقوله "أفطرت"، وفي بعض النسخ "بعد زوال العذر" وهما قريبان.
والثانية: الأظْهَرُ من الاحتمالين عند صاحب الكتاب جوازُ الترك واستئناف الشهرين، وقال القاضي الرُّويانيُّ: والذي يقتضيه قياس المذهب أنَّه لا يجوز؛ لأن صوم الشهرين عبادةٌ واحدةٌ كصوم يَوْمٍ واحدٍ، فيكون قطعه كقطع فريضة شَرَع فيها، وأنه غير جائز، وهذا حسن والله أعلم -بالصواب.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: قال الله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}[المجادلة: ٤] والكلام في هذه الخصلة يقع في فُصُول:
أحدها: في قَدْر الطعام، وهو في كفارة الظهار والوقاع في نهار رمضان وكذا في كفارة القتل إن أوجبنا فيه الإطْعام ستُّون مدًا لستين مسكيناً بدلاً عن صوم ستين يوماً، والاعتبار بمُدِّ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وهو رطل وثُلُثٌ، [بالبغدادي] وذلك رُبُعُ صَاعٍ، فالصاع أربعة أمدادٍ على ما سَبَق، ولا يختلف [ذلك باختلاف](١) جنس المُخْرَج، وقد قَدَّمنا أن