للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا أكْرِهَ على الأكْل، فأكل، وقلنا: يبطل (١)، صومه، انقطع التتابع؛ لأنه سببٌ نادرٌ، هذا هو المشهور في الصورتَيْن، وجعَلَهُما القاضي ابن كج على الخِلاَف في المرض، وذكر أنه لو استنشق فوصل الماء إلى دماغه، وقلنا ببطلان صومه، فانقطاع التتابع (٢) على الخلاف.

ولو ابتدأ بصَوْم الشهرين في وقْت يدخل عليه رمضان قَبْلَ تَمَامِ الشهْرَيْن أو يدخل يوم النَّحْر لم يُعْتَدُّ بصومه عن الكفَّارة؛ لإنشائه في وقْت يَتعذَّر فيه الوفاء بالتتابع، قال الإِمام: ويَعود القولان في أنَّه هل ينعقد نفْلاً؟ فهذا مضى رمضان ويوم العيد، اعْتُدَّ بما بَعْد ذلك, وكذا إذا مَضَى يوم النحر وأيام التشريق [إلا إذا قلْنا: إنَّ أيَّام التشْريق] تقْبَل الصوم الَّذي له سَبَبٌ تفريعًا على أن للمتمتِّع أن يصومها؛ فيكون الاعتداد من أول أيام التشريق، ولا يجوز أن يصوم رمضانَ عن الكفَّارة؛ لأن زمانَ رَمَضان متعيِّنٌ لغيرها، وإذا [نوى الصيام] عن الكفَّارة، لم يُجْزه عن رمضان؛ لأنه لم يَنْوه، ولو نواهما، لم يُجْزِه عنْهما، وحكى القاضِي أبو الطيِّب في "المُجَرَّد" عن أبي عُبَيْد بن حربويه إجزاءه عنْهما، وغلَّطه فيه، وفي كتاب القاضي ابن كج أنَّ الأسير إذا صام عن الكفَّارة بالاجتهاد، فغلط فجاء رمضان أو يومُ النَّحْر قبل تمام الشهرين، فانقَطَاعُ التتابع على الخلاف في الإفطار بالمرض.

وإذا أوجَبْنا التتابع في كفَّارة اليمين، فحاضَتْ في خلال الأيَّام الثلاثة، فقد قيل: هو كالإفطار بالمرض في الشَّهْرين، بخلاف الحيض في الشهْرَيْن؛ لأن الغالب اشتمالهما على الحيض، ويُشْبِه أن يكون فيه طريقةٌ قاطعةٌ بانقطاع التتابع؛ لأن إيقاع الثلاثة في الوقْت الَّذي لا يطرأ الحَيْض فيه مُتَيَسِّر.

وإذا شَرَع في صوم الشهرَيْن، ثم بَدَا له أن لا يُتِمَّ، ويستأنف بعد ذلك، فقد ذكروا في جوازه احتمالين:

أحدهما: يجوز، كما يجوز تأخيره في الابتداء، وليس في الامتناع من الإتمام إبطالُ عبادةٍ، فإنَّ صوْمُ كلِّ يَوْمٍ عبادةٌ مستقلةٌ.

والثاني: لا يجوز؛ لأنه تبطل صفَةُ الفرضية، والوقوع عن الكفَّارة فيما مَضَى،


(١) في ز: يبطلان.
(٢) قال النووي: لو أوجر الطعام مكرهاً، لم يفطر، ولم ينقطع تتابعه، هكذا قطع به الأصحاب في كل الطرق، وشذ المحاملي فحكى في "التجريد" وجهاً أنه يفطر وينقطع تتابعه، وهذا غلط. والله أعلم. قال في الخادم ما حكاه عن المحاملي كأنه سبق قلم فإنه صرح بالاتفاق هنا، نعم سبق في الصيام حكايته عن الحناطي واستغربه ولعله رحمه الله تعالى أراده فسبق قلمه للمحاملي.

<<  <  ج: ص:  >  >>