بزوجَيْن، ففي جواز التقرير وجهان (١)، وإن جرى النِّكَاحَانِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، لَمْ تقر مع وَاحِدٍ مِنْهُمَا، سواءٌ اعتقدوا جوازَهُ، أو لم يعتَقِدُوا، وفيما إِذا اعتقَدُوا وجه أنه تُخيَّر المرأةُ حَتَّى تَخْتَارَ أَحَدَهُمَا، كما لو أسلم الكافِرُ علَى أُختين، وَهَذَا آخِرُ الْكَلاَمِ في الْبَابِ.
قال الرَّافِعِيُّ: السببُ الأَوَّلُ: الْعَيبُ، وَيَثْبُتُ لكلِّ واحدٍ من الزوجَيْنِ الخيارُ بالبَرَصِ، والجُذَامِ، والجُنُونِ، ويثبت لها بجبِّهِ، وُعُنَّتِهِ، وله بِرْتْقِهَا، وَقَرَنِهَا، وفي البَخَر والصُّنَانِ، والعَذْيوطة الذي لا يقبل العلاجَ خلافٌ، وكذلك في جُمْلةٍ من آحادِ العْيُوب الَّتِي تُنَفِّرُ تنفير البَرَصِ، وتكسر شهْوة التوَّاقِ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لا يُرَدُّ إلاَّ بالعُيُوبِ السبعةِ المذْكُورةِ أولاً، وفي رد الْخُنْثَى أيضاً خلافٌ.
عَرَفْتَ أوَّلِ "كتاب النكاح" وقوعَ مسائِلِهِ في خَمْسَةِ أَقسَام، وقد فَرَغْنَا من ثَلاثة أَقْسَامٍ، مِنْهَا وَهَذَا القِسمُ الرَّابعُ في مُوجِبَاتِ الْخِيَارِ وَعَدَّهَا أَرْبَعَةَ وَهِيَ: الْعَيبُ، والْغرُورُ، والعِتْقُ، والْعُنَّةُ، وَفِيهِ كَلاَمَانِ:
الأَوَّلُ: أن الْعُنَّةَ أَحَدُ الْعُيُوب المثبتة لِلْخِيَار إلاَّ أَنَّهَا تختصُّ بأحكام؛ كضَرْب المدَّة وغيره، فبيّن الأَصْحَابُ في "فَصْلِ الْعُيُوب" أَنَّهَا أَحَدُ أَسْبَابَ الْخِيَارِ، وأفرْدَوُا لها مَوْضِعاً للكلام في أحكامِهَا الخاصَّة.
والثَّاني: يمكن أن يقال: موجباتُ الخيارِ تَريدُ عَلَى هذه الأَرْبَعَةِ؛ أَلاَ تَرَى أنَّ الْلأَبَ والجَدَّ، إذا زَوَّجَا الْبِكْرَ منْ غير كُفْءٍ، وصحَّحنا النكاح ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ، وكذا لو نَكَحَ الصَّغِيرُ مَنْ لا تكاَفِئُهُ، ثبت له الخيارِ، إذَا بَلَغَ، حَيْثُ يُحْكَمُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ، وكذا لو ظنها مُسْلِمَةً، فإذا هِيَ كِتَابِيَّةٌ، ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ علَى رَأْي.
السببُ الأَوَّل الأوَّلُ الْعَيْبِ، والعيوبُ المثبتةُ للخِيَارِ: مِنْهَا ما يشترك فيه الرِّجَال
(١) قال النووي: ينبغي أن يكون أصحهما التقرير والله أعلم.