للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْشَأَ الإِسلام في الحال، وقولها بعد ذلك انقضتْ عدَّتي من قبلُ، يقتضي الحُكْمَ بانقضاء العدَّة في الحال، فيتأخَّر انقضاءُ العدَّة عن الإسْلاَم، وقول المرأة أولاً: أنْقضتْ عدتي قَبْلَ إسْلاَمِهِ، يقتضي الحكْمَ بانقضاء العدَّة في الحال، وقولُه بَعْدَ ذلك: أَسْلَمْتُ من قبلُ، كأنه أنشأ الإِسلام في الحال، فيقع بعد العدة، وليس هذا بخَلِيٍّ عن الإِشْكال، وهذا التَّفْصِيلُ هُوَ الَّذِيَ رَضِيَهُ صَاحِبُ "التَّهْذِيبِ" وغيره جواباً في المسائل الثلاث، وزاد في "التَّهْذِيبِ" شيئاً آخر، فيما إذا سبق دعْوَى الزوج، فقال: إنْ مَضَى زَمَان من دعْوى الزَّوْج، ثُمَّ ادَّعَت المرأةُ انقضاءَ العدَّة من قَبْل، فالقول قول الزَّوْج، فأمَّا إذا اتَّصَل كلامها بكلامه، فالْقَوْلُ قَوْلُها، أيضاً لأنَّ إنْشَاء الإِسْلام والإِقرار به قولاَنِ، فيمكن أنْ ينزل الإقْرَار منزلةَ الإِنْشَاء، وقولها: انقضت عدَّتِي؛ لا يمكن أنْ يكون إنشاءً؛ لأن انقضاءَ العدَّة ليس بقَوْلٍ، وإذا لم يكُنْ إنشاءً، كان إجباراً، فيتقدَّم الانقضاء عليه، وحينئذٍ، فيكون مقارناً لقوله: أسلمتُ أو متقدماً عليه، ولا يكون الإِسلام وَاقِعاً في العِدَّةِ، وَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ طُرُقٌ: وَفَوَائِدُ أُخَرُ نُورِدُها في "كتاب الرّجْعَةِ" إنْ شَاءَ الله تَعَالَى.

فَرْعَان: فَرْعٌ:

الأوَّل: عَنِ الشَّافِعِيّ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- أنَّه لو أَقَامَ الزَّوْجُ شَاهِدَيْنِ على أنَّهما جميعاً أسْلَمَا حِينَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ كَذا، أو حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قُبِلَت شهادَتُهما، وحُكِمَ بَقاءِ النِّكَاح، ولو شَهِدَا بأنَّهما أسلما مَعَ طُلُوع الشَّمْس، أو مَعَ غروبها، لَمْ يُحْكَمْ بهذه الشَّهَادَةِ، وَفَرَقُوا بينَهُما بأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ حِينَ طَلَعَتِ الشَّمْس، أو غربتُ، يتناولُ حالَ تمامِ الطُّلُوع، أو تمامِ الغَروب، وأنَّها حالَةٌ واحدةٌ، وقوله "مع الطُّلُوعِ أو مع الغروب" يصدق من حين تأخذ الشمس في الطُّلُوعِ أو الغُرُوب، فيجوز أنْ يكُونَ إسْلاَمُ أَحدِهِما مقارناً لطُلُوع أوَّلِ القُرْصِ، وإسلام الآخر مقارناً لطلوع آخره (١)، واللهُ أَعلَمُ.

الفرع الثاني: نَكَحَتْ في الكُفْرِ زوجَيْن، ثُمَّ أَسْلَمُوا، فإن ترتَّب النكاحان، فهي زوجةُ الأوَّل، وإن مَاتَ الأَوَّلُ، ثم أسلَمَتْ مع الثاني، وهمْ يعتقِدُون جَوَازَ التَّزْوِيجِ


(١) قال ابن الرفعة: وذلك لا نزاع فيه إذا كان إسلامهما في بلد واحد أو ما يلتحق به من كون مطلعهما واحداً، فإن اختلف مطلع البلدين.
قال بعض المتأخرين: يكون كقيام البينة على إسلامهما في وقتين قد يتخيل بناء ذلك على اختلاف المطالع في رؤية الهلال.
قال: وليس هذا القول فقهاً بناءً على أنه إذا كان البلد لا يغيب شفقهم إلى الفجر صلى العشاء بمغيب الشفق في أقرب البلاد إليه لأنه لا طريق غيره فإنه لا سبيل إلى إسقاط الصلاة فتعين ذلك. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>