هناك مَانِعٌ شَرْعِيُّ كالصَّوْم والحَيْضِ والإِحْرَام. أما عند أبي حنيفة فَيُشْتَرَطُ، ومن الأصحاب من وافَقَهُ تَفْرِيعاً على القديم، والمذَكور في "التتمة" أنه لا يشترط، ويقرر المَهْرُ، كما إذا اسْتَأجَرَ دَاراً إِجَارَةً فاسِدَةً، وقبضها يلزمه أُجْرَةُ المِثْلِ، وإن لم يسكنها.
ولو كان هناك مَانِعٌ حِسِيُّ كالرَّتْقِ والقَرَنِ منها، والجَبِّ؛ والعُنَّةِ منه، لم يَتَقَرَّرِ المَهْرِ، ويخالف أبو حنيفة في الجَبِّ والعُنَّةِ وإذا قلنا: إن مجرد الخَلْوَةِ لا يُقَرَّرُ المَهْرَ ففي الوطء فيما دون الفَرْجِ وَجْهَانِ؛ بناءً على القولين في أنه هل تحرم الرَّبيَبةُ وهل تَثْبُتُ حُرْمَةُ المُصَاهَرَةِ، وقد بيناهما في موضعهما.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: غرض الباب بَيانُ جِهَاتِ الفَسَادِ في الصَّدَاقِ، ورتبها في الكتاب على سِتَّةِ أنواع:(١)
أحدها: ألا يكون المَذْكُورُ مَالاً كما لو سَمَيَّا خَمْراً، أو خِنْزيِراً، أو حُرّاً، وهذا قد انْدَرَجَ في تَضَاعِيفِ الكَلاَمِ عند توجيه قَوْلِ ضَمَانِ العَقْدِ واليد، ولو أَصْدَقَهَا عبدًا أو ثَوْباً، فخرج مَغْصُوباً, فالواجب مَهْرُ المِثْلِ في أصح القولين، وقيمة ذلك العبد في الثَّانِي، ولا يحتاج هاهنا إلى تَقْرِيرِ تُبْدِيلِ الصِّفَةِ والخِلْقَةِ وعند أبي حنيفة الوَاجِبُ ها هنا القِيمَةُ على خِلاَفٍ ما حكينا عنه فيما إذا خرج حُرّاً، ولو أَصْدَقَها عَبْدَيْنِ، فخرج أحدهما حُرّاً، أو مَغْصُوباً، أو ثوبين فخرج أحدهما مَغْصُوباً بَطَلَ الصَّدَاقُ في الحُرِّ والمغصوب، وفي الآخر قَوْلاً تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، فإن لم نصحح فيه أيضاً فلها مَهْرُ المِثْلِ، أو قيمتهما جميعاً؟ فيه القولان.
وإن قلنا: يصح، فلها الخِيارُ لأن المُسَمَّى بِتَمَامِهِ لم يسلم لها، فان فسخت فعلى القولين، وإن أَجَازَتْ فقولان:
أحدهما: أنها تَرْضَى بالآخر صَدَاقاً، ولا شَيْءَ لها غيره.
(١) قال الشيخ البلقيني: بقي سبب سابع وهو أن تصدق المحجور عليها ما لا يبقى في ملكها كأبيها أو أمها، وقال أيضاً: ومن جملة الأسباب أن يكون مجهولاً أو يكون ردّ لها عبدها الأبق أو جملها الشارد، ومكانهما غير معروف. نص عليه في الأم.