للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: يجب؛ لأنه قتل معصوماً بغير حَقِّ، والكفارة أسرع ثبوتاً من القصاص و [من] (١) الدية بدليل ما إذا قَتَل مسلماً في صفِّ الكفار.

والأموالُ المأخوذةُ في القتال تُردُّ بعد انقضاء الحرب إلى أربابها يستوي فيه الفريقان، روي أن عليَّاً (٢) -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- نادَى: "مَنْ وَجَدَ مَالَهُ فَلْيَأْخُذْهُ"، قال الرإوي: مرَّ بنا رجلٌ فعرف قدْراً يطبخ فيها، فسألناه أن يصبر حتى نَطْبخ، فلم يفعل، فإنْ أتلفت بعد انقضاء الحَرْب، وجب الضمان.

وقوله في الكتاب: "فما أتلف في غير القتال" و"ما أتلف في القتال" هذه اللفظة هي المشهورة في الاستعمال، وبيَّن الإِمام معناها، فقال المراد ما يتلف بسبب القتال ويتولَّد منه هلاكُه، حتى لو فُرِضَ إتلافٌ في القتال ليس من ضرورة القتال، فهو ملْحَق بما يجري إتلافه قبل القتال.

وقوله: "فإن قلْنا: لا يجب، ففي الكفَّارة وجهان" يعني: إن قلنا: لا يجب الضمان في النفس والمال، ففى الكفَّارة عند القتل وجهان، وفي الترتيب المذكور ما يَخْرُج منه طريقان، طريقةٌ قاطعةٌ بوجوب الكفَّارة، وطريقةٌ طاردة للخلافِ، وكذا حال قولِه: "فإن قلنا: يجب، ففي القصاص وجهان"، ويجوز أن يُعْلَم قوله "لا يجب" بالميم، وقوله "يجب" بالحاء إشارةً إلى مذهبهما. وعن أحْمَد روايتان في الضمان.

أظهرهما: السقوط، كما مرَّ وهو الأظهر عندنا.

" فَرْعٌ"

لو استولى باغ على أَمَةٍ أو مُسْتَوْلَدَةٍ لأهل العدْلِ، فغشيهما، فعليه الحدُّ، وإن أولَدَها، فالولد رقيقٌ غير نسيب، وهل يجب المهْر، إذا كانت مكرهة؟ منْهم مَنْ جعله على الخلاف في ضمان المالِ، وقال صاحب "التهذيب": ينبغي أن يُقْطَع بوجوبه، كما لو أتلف المال المأخوذَ بعد الانهزام (٣)، ولو استولى الحربيُّ على أمة مسلمةٍ فأولدها (٤)، فالولد رقيقٌ غير نسيب، ولا حدَّ ولا مهر؛ لأنه لم يلْتَزِم الأحكام.

وأما المقْصِد الثاني، فالذين يخالفون الإمامَ بتأويلٍ يعتقدونه، وليس لهم شوكة


(١) سقط في ز.
(٢) رواه ابن أبي شيبة والبيهقي من حديث عرفجة عن أيه قال: لما جيء عليّ بما في عسكر أهل النهروان قال: من عرف شيئاً فليأخذه قال: فأخذوا إلا قدراً قال: ثم رأيتها بعد أخذت، وأخرجه البيهقي من طرق.
(٣) في ز: الالتزام.
(٤) في ز: وأولدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>