للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي حَفْصِ بن الوَكِيلِ: أنه أراد بالظَّنِّ أن الأَخْبَارَ الواردة في الباب طَرِيقُهَا الظَّنُّ الغَالِبُ، وأراد بالعِلْمِ العِلْم بِوُرُودِهَا.

وعن أبي إِسْحَاقَ أنه أراد بقوله: "بِظَنِّ مَقْرونٍ بدليل"، كأنه عَبَّرَ عن العِلْمِ بالدليل؛ لأنه يثمر العلم.

وقيل: أراد أن فَتْحَهَا عَنْوَةً مَعْلُومٌ لِكَثْرَةِ الناقلين، والذي فعل عمر -رضي الله عنه- بِهَا مَظْنُونٌ، ويمكن أن يُقَالَ: أَشَارَ بالكلمة إلى كثرة اخْتِلاَفِ الرِّوَايَاتِ فيه، فيكاد يرتقي الظَّنُّ إلى حَدِّ العلم، ويراجع العلم إلى حَدِّ الظَّنِّ أخرى.

الثانية: إذا أراد الإِمَامُ اليوم أن يُوقِفَ أَرْضَ الغَنِيمَةِ كما فعل عمر -رضي الله عنه- جاز إذا اسْتَطَابَ قُلُوبَ الغانمين في النزول عنها بِعِوَضٍ، أو بغير عِوَضٍ، وإن أَبَى بَعْضُهُمْ فهو أَحَقُّ بماله، وكذلك المَنْقُولاَتُ والصِّبْيَانُ والنِّسْوَان لا يجوز لِلإمَامِ رَدُّ شيء منها إلى الكُفَّارِ إلا بِطِيبَةِ أَنْفُسِ الغانمين؛ لأنهم ملكوها بالاغْتِنَامِ.

قال الإِمام: وليس لِلإمَامِ أن يَأْخُذَ الأَرَاضِيَ قَهْرًا، وإن كان يعلم أنهم [يَتَوَانَوْنَ بسببها] (١) في الجِهَادِ، ولكنَ يَقْهَرُهُمْ على الخروج إلى الجِهَادِ بحسب الحَاجَةِ.

وجَوَّزَ أبو حنيفة رَدَّ الأراضي المَغْنُومَةِ إلى الكُفَّارِ، وِإن أبَى الغَانِمُونَ.

[قال الغَزَالِيُّ: الفَصْلُ الثَّانِي: فِي حَدِّ السَّوَادِ].

قال الرَّافِعِيُّ: وقد أطلق مُطْلِقونَ أن سَوَادَ "العِرَاقِ" من "عَبَادَانَ" إلى حديقة "المَوْصِلِ" طُولاً، ومن [عذيب] "القادسية" إلى حلوان عَرْضًا، وعلى هذا جَرَى صَاحِبُ الكتاب في "باب الرَّهْنِ" وهو بالفَرَاسِخِ على ما ذكر المَاوَرْدِيُّ وغيره في الطُّولِ مائة وستون، وفي العَرْضِ ثمانون، وذكر في مَسَاحَتِهِ قولان:

أحدهما: أنها اثْنَانِ وثلاثون ألف جريب، ويُنْسَب؛ هذا إلى ابن المُنْذِرِ. والثاني: ستة وثلاثون أَلْفَ ألف، ويمكن أن يرجع التَّفَاوُتُ إلى ما يَقَعُ في الحد المذكور من السِّبَاخِ والتُّلُولِ والطُّرُق ومجاري الأنْهَارِ، ونحوها مما لا يزرع، وكان بعضهم أَخْرَجَهَا عن الحساب، لكن في إِطْلاَقِ الحَدِّ المذكور [تَسَاهُلٌ] (٢) لما اشتهر من أَرْضِ "البصرة" أنها كانت [سَبْخَة] (٣) أحْيَاهَا عثمان بن أبي العَاصِي، وَعُتْبَة بن غَزْوَانَ -رضي الله عنهما- بعد الفتح، وهي دَاخِلَةٌ في هذا الحَدِّ، ولا بد من استثنائها.


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>