للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ في إِتلاف المريضِ المُحَابِي، أو صاحِبِه ما أخذه

باع المريض عبداً، يساوي عشرين، بخمسةٍ، وأتلف الثمن الذي أخذه؛ فإن قلنا: يصحُّ البيع في بعض ما حابَى فيه بجميع ما يقابله، فقد ملك المشتري ربع العَبْدِ بالخمسة، وأتلف البائع الخمسة من ماله، فعادَتِ التركَةُ إلى خمسة عشر للمشتري من ذلك شيء بالمحاباة، يبقَى للورثة خمسة عَشَر إلاَّ شيئاً يعدل ضعف المحاباة، وهو شيئان، فَيُجْبَرُ، ويُقَابَلُ؛ فخمسة عشر تعدِلُ ثلاثة أشياء؛ فالشيء خمسة، وهو ربع العبد؛ فيحصل للمشتري نصْف العبد، ربعه بالثمن، وربعه بالتبرُّع، وهو خمسة؛ يبقى للورثة عَشَرة ضعْف المحاباة.

وإن قلْنا بالتقسيط، صحَّ البيع في ثلث العبد بثلث الثمن، وقد بينا ذلك بطريقة الجبر وغيرها، فيما إذا باع قَفِيزَ حنظة يساوي عشرين، أو ثلاثين، بقفيز يساوي عشرةً في "باب تفريق الصفقة" وهذا الجوابُ مطَّرِدٌ، كيف فُرِضتْ قيمة الجيد والرديء على اختلاف الأقدار، وبُيَّنَ ذلك بطريقتين أخريتين والتصوير فيما إذا كان الجيِّدُ يساوي عشْرين، والرديءُ عَشَرَةً.

إحداهما: بطريقة الخطائين، فقدر القفيز الجيِّد خمسة أسهم، وتصحيحُ البيع في سَهْم بنصف سهم، فتكون المحاباةُ بنصْف سهم؛ يبقَى أربعة أسهُمٍ ونصْف سهم، يقضي منْهَا القفيز الرديء، وهو سهمان ونصف، ويبقَى في يد الورثة سهمان، وكان ينبغِي أنْ يكُونَ سهماً، ولو ضعف المحاباة فأخطأنا بسهم واحد، ثم نعود ونصحَّح البيع في سهمٍ وثلث سهم من الخمسة بنصْفه، وهو ثلثا سهْم؛ فتكون المحاباةُ بثلثَي سهم، تبقَى في يد الورثة أربعَةٌ وثلث.

نقضي منها القفيزَ الرَّدِيء، وهما سهمان ونصْف، يبقَى سهم وخمسة أسداس سَهْم، وكان ينبغِي أَنْ يكون سهماً وثلثاً، فأخطأنا بنصف سهم، فنقول: لما زدْنَا ثلُث سَهْم، ذهب نصف الخطأ. فلو زدنا ثلثَيْ سهم، ذهب جميع الخطأ، فإذن ما يصحُّ البيع فيه من الخمسة سهم وثلثان، وذلك ثلث الخمسة.

والثانية: طريقة الدينار والدرهم، نُقدِّر القفيزَ الجيِّد ديناراً ودرهماً، ونصحِّح البيع في الدينار، ويعود إليه نصفه، فتبقى المحاباة بنصف دينار، ويكون عنده درهم ونصف دينار، وهو العائد إليه، وقد أتلف الرديء، وهو نصف درهم ونصف دينار، فينقصه مما بقي للورثة، يبقى نصف درهم، يعدل بنصْف المُحَاباة، وهو دينار، فعرفنا أن الدينار نصْفُ درهم، وهو ثلث القفيز.

ولو أتلف المريض بعْضَ القفيز الرديء، كأنه أتلف نصفه، وقيمة القفيز الجيِّد عشرون، فبطريق النسبة والتقدير يقول: مالُ المريضِ عشْرُون، لكنه أتلف خمسة،

<<  <  ج: ص:  >  >>