باختلاف البلاد والفصول، ثم إذا مالت الشمس إلى جانب المغرب فإن لم يبق ظل عند الاستواء حدث الآن في جانب المشرق، وإن بقي شيء زاد الآن وتحول إلى المشرق. فحدوثه أو زيادته هو الزوال، ثم إذا صار ظل الشاخص مثله من أصل الشاخص إن لم يبق شيء من الظل عند الاستواء أو من نهاية القدر الباقي في حالة الاستواء إن بقي شيء فقد خرج وقت الظهر.
وقوله في الكتاب:"وهو عبارة عن ظهور زيادة الظل" يريد به أغلب الأحوال وهو بقاء الظل في حالة الاستواء وإن قل.
فأما إذا لم يبق شيء عند الاستواء فالزوال بظهور الظل، ولا معنى للزيادة، لكنه نادر لا يكون إلا في يوم واحد من السنة في بعض البلدان.
وقوله:"ويتمادى وقت الاختيار إلى أن يصير ظل الشخص مثله من موضع الزيادة" جار على الغالب أيضاً كما بيناه، فإذا كان الشاخص ذراعين مثلاً والباقي من ظله عند الاستواء ربع ذراع فإنما يخرج الوقت إذا صار الظل ذراعين وربع ذراع.
وأراد بوقت الاختيار ما اشتمل عليه بيان جبريل عليه السلام بعد وقت الفضيلة ألا تراه يقول: في "وقت العصر ووقت الفضيلة في الأول ما بعده وقت الاختيار" وفسر بعضهم وقت الاختيار بما يشتمل عليه بيان جبريل من غير التقييد بكونه بعد وقت الفضيلة، وعلى هذا فوقت الاختيار ينقسم إلى وقت الفضيلة وإلى ما بعده، وليكون قوله:"إلى أن يصير ظل الشخص مثله" معلماً بالحاء؛ لأن عند أبي حنيفة -رحمه الله- يبقى وقت الظهر إلى أن يصير ظل الشيء مثله ثم يدخل وقت العصر، وبالميم أيضاً؛ لأن عند مالك يبقى وقت الظهر إلى أن يصير ظل الشخص مثله، ولكن إذا صار ظل الشيء مثليه دخل وقت العصر، وفي مصير الظل مثله إلى مصيره مثليه وقت لكل واحدة من الصلاتين، هكذا روى مذهبه طائفة من أصحابنا.
وروى آخرون أنه قال: يدخل وقت العصر بمصير الظل مثليه، ولا يخرج وقت الظهر حتى يمضي قدر أربع ركعات، وهذا القدر هو المشترك بين الصلاتين، ويروى هذا عن المزني أيضاً، فليضف الزاي إلى الحاء والميم.