لم يجب إلا بعض الضمان؛ لأن التلَف حصَلَ من مباحٍ مطْلَقٍ، ومباحٍ بشرطِ سلامةِ العاقبة، وفي القَدْر الواجب قوْلاَن، أو وجهان:
أشهرهما: أنَّ الواجب نصْفُه توزيعًا على النوعَيْن.
والثاني: أنه يوزَّع عَلَى ما في الداخل والخارج، فيجب قسْطُ الخارج، ثم الذي ذكره صاحب الكتاب، وجماعةٌ؛ أن التوزيع يكون باعتبار الوزْنِ، وفي "التتمة" وغيرها أن التوزيع يكون باعتبار مساحةِ الداخِل والخارج، ويمتحن فيقال: رجلٌ قتل إنسانًا بخشبة يجبُ بقتله بعضُ ديته، ولو قتله ببعضِها يجب تمامُ ديته، ولا فَرْق بين أن يصيبه الطرفُ الداخل أو الخارج؛ لأنَّ الهلاك يحصُلُ بثقل الجميع، وعن أبي حنيفة أنه إن أصابه، الخارُج، وجب جميع الضمان، وإن أصابه الداخلُ، لم يجب شيء، والحكم في كيفية التضمينِ، إذا حصل الهلاكُ بالجناح المشرع، إمَّا بالخارج منه أو بالخارج والداخل معًا، على ما ذكرنا في المِيزَابِ؛ بلا فرق وقد يختصر الخلافُ في الميزاب، فيقال: في ضمانِ ما يهلك به ثلاثةُ أقوالٍ، أو أوجه:
أحدها: لا ضمان.
والثاني: يجبُ نصفه.
والثالث: يوزَّع على الداخل والخارج، وهكذا أورد صاحبُ الكتابِ، إلا أنه خصَّص الوجوه بما إذا سقط الداخلُ والخارج جميعًا، وأشعر سياقه بالقطع بالوجوب، إذا سقط الخارج البارِزُ وحده، كما في الجناح، والذي يوجَدُ لعامَّة الأصحاب طَرْدُ الخلاف في الحالَيْن، وهو الذي يستَنِدُ على التوجيه، ويجوزُ أنْ يعلم لما بيَّنا قوله:"ضمن كالجَنَاح" بالواو.
" فَرْعٌ"
في "التهذيب": أنه لو رَشَّ الماء من الميزاب على ثَوْبِ إنسان، ضمنه، يعني: ما ينقص منه.
الرابعة: الجدارُ الملاصقُ للشارع، إن بناه صاحبه مستويًا، فسقط من غير ميل، ولا استهدامٍ، وتولَّد منه هلاكٌ، فلا ضمان؛ لأنه تصرَّف في ملكه، ولم يوجَدْ منه تقصيرٌ، ولو بناه مائلًا (١) إلى ملكه، أو مَالَ إليه بعْد البناء، وسقط، فلا ضمان أيضًا؛ لأن له أنْ يبني في ملكه كَيْفَ يشاء، وإن بناه مائلاً إلى الشارع، وجب ضمان ما يتولَّد من سقوطه؛ كالسَّابَاط والجَنَاح، وهو المرادُ من لَفْظ "القابول" الذي ذكره في الكتاب،