الثانية: إذا قال: غصبت هذه الدار من زيد؛ لأنه اعترف له باليد.
والظاهر: كونه محقًّا فيها، ثم الخصومة في الدار تكون بين زيد وعمرو، ولا تقبل شهادة المقر لعمرو؛ لأنه غاصب، وفي غرامته لعمرو طريقان:
أحدهما: أنه على القولين فيما إذا قال: غصبتها من زيد المقر، لا بل من عمرو، واختاره في "التهذيب".
وأصحهما: القطع بأنه لا يغرم؛ لأن الإقرارين هناك متنافيان والإقرار الأول مانع من الحكم بالثاني، وهاهنا لا منافاة لجواز أن يكون الملك لعمرو، تكون في يد زيد بإجارة، أو رهن، أو وصية بالمنافع، فيكون الآخذ منه غاصبًا منه، ولو أخر ذكر الغَصْب، فقال: هذه الدار ملكها لعمرو، وغصبتها من زيد، فوجهان:
أظهرهما: أن الحكم كما في الصورة الأولى لعدم التنافي، فتسلم إلى زيد، ولا يغرم لعمرو.
والثاني: أنه إذا أقر بالملك أولاً لم يقبل إقراره باليد لغيره، فتسلم إلى عمرو، وفي الغرم لزيد القولان، هكذا أطلقوه، وفيه مباحثه؛ لأنا إذا غرمنا المقر في الصورة السابقة للثاني، فإنا نغرمه القيمة؛ لأنه أقر بالملك، وهاهنا جعلناه مقرًّا باليد دون الملك، فلا وجه لتغريمه القيمة، بل القياس أن يسأل عن يده أكانت بإجارة، أو برهن، أو غيرهما، فإن أسندها إلى الإجارة غرم قيمة المنفعة، وإن أسندها إلى الرَّهْن غرم قيمة المرهون ليتوثق به في دينه، وكأنه أتلف المرهون، ثم إن وفي الدَّين من موضع آخر، فترد القيمة عليه.
وقوله في الكتاب "يبرأ بالتسليم إلى زيد" يجوز إعلامه بالواو؛ لأنه أراد البراءة عن الغرم لعمرو على ما هو بين في "الوسيط"، وقد عرفت الخلاف فيه.
[فرع]
إذا قال: غصبت هذه العين من أحدكما، فيطالب بالتعيين، فإن عين من أحدهما سلمت إليه، وهل للثاني تحليفه ينبني على أنه لو أقر للثاني، هل يغرم له القيمة؟
إن قلنا: لا فلا
إن قلنا: نعم، فنعم؛ لأنه ربما يقر له إذا عرضت اليمين عليه، فيغرم، فعلى هذا إن نكل ردت اليمين على الثاني، وإذا حلف، فليس له إلاَّ القيمة.
ومنهم من قال: إن قلنا: إن النكول ورد اليمين، كالإقرار من المدعى عليه، فالجواب كذلك.